من المعلوم أن الله أرسل كل رسول من السابقين إلى قومه، بلغتهم ولسانهم، فكان الرسول يخاطب القوم بلغتهم ليبين لهم. وأنزل الله القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم بلسان قومه، فجاء القرآن عربياً، بلسان عربي مبين، ودل هذا على فضل وشرف اللغة العربية، باعتبارها أفضل اللغات وأوضحها وأفصحها. وقد وقف العلماء أمام أسلوب القرآن متدبرين، وتسا...
قراءة الكل
من المعلوم أن الله أرسل كل رسول من السابقين إلى قومه، بلغتهم ولسانهم، فكان الرسول يخاطب القوم بلغتهم ليبين لهم. وأنزل الله القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم بلسان قومه، فجاء القرآن عربياً، بلسان عربي مبين، ودل هذا على فضل وشرف اللغة العربية، باعتبارها أفضل اللغات وأوضحها وأفصحها. وقد وقف العلماء أمام أسلوب القرآن متدبرين، وتساءلوا: هل كل ما في القرآن من كلمات وألفاظ عربي أصيل؟ أم فيه كلمات من لغات أخرى، عربها القرآن عندما أوردها في آياته؟أشغلت هذه المسألة العلماء قديماً وحديثاً، وانقسموا أمامها إلى ثلاثة أقسام: فمنهم من قال: في القرآن من كل اللغات، كالفارسية والرومية والحبشية والآرامية والعبرانية، وفيه كلمات أعجمية عديدة، من الأعلام وغيرها. ومنهم من قال: كل ما في القرآن عربي، وليس فيه كلمات أعجمية معربة، فكل كلماته عربية أصيلة، لأن الله أنزله بلسان عربي مبين، ووجود كلمات أعجمية يتعارض مع الآيات التي نصت على عربية القرآن! والراجح هو أن كل ما في القرآن من ألفاظ وكلمات فإنها هو عربي أصيل.الأعلام الأعجمية موجودة في القرآن، وهذا باتفاق وإجماع العلماء، ووجود هذه الأعلام الأعجمية لا يتعارض مع عربية القرآن، لأن هذه الأعلام الأعجمية لا يتعارض مع عربية القرآن، لأن هذه الأعلام واحدة في جميع اللغات، ولا فرق بينها في اللغات إلا في حروفها فقط، حيث تلفظ وتكتب بحروف متوافقة مع تلك اللغة. والمراد بالأعلام أسماء الأشخاص والأماكن والبقاع والبلدان. وقد ذكر القرآن كثيراً من تلك الأعلام.والكتاب الذي بين يدينا يضم دراسة طافت في مفردات ألفاظ القرآن، وذلك لتستخرج منها "الأعلام الأعجمية" بهدف بيان أعجميتها وتعريفها وذكر ورودها، وخلاصة قصتها في القرآن، ولتحقيق هذه الأهداف سارة الدراسة على منهاج معين هو: في معناه عند من قالوا بعربيته واشتقاقه، وترجيح القول بأعجميته، والاستدلال على ذلك، وأخذ ذلك من أمهات كتب اللغة والتفسير، مثل: (مقاييس اللغة) لابن فارس، و(مفردات ألفاظ القرآن) للراغب الأصفهاني، و(عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ) للسمين الحلبي، و(بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) للفيروزآبادي، و(لسان العرب) لابن منظور، و(المعجم الوسيط) الذي أعده مجمع اللغة العربية في القاهرة، و(تفسير الكشاف) للزمخشري، و(تفسير البحر المحيط) لأبي حيان الأندلسي، و(تفسير الدر المصون في علوم الكتاب المكنون) للسمين الحلبي، و(تفسير التحرير والتنوير) لمحمد الطاهر ابن عاشور.بعد ذلك يتم ذكر مرات ورود العلم الأعجمي في القرآن، ومواضعها، والتعريف بذلك العلم الأعجمي، وتبيان خلاصة قصته بصورة مجملة موجزة جداً والحرص على البقاء مع القرآن والحديث الصحيح، وعدم ذكر شيء من الإسرائيليات والروايات والأخبار غير الصحيحة، والتي ليس عليها دليل، كما فعل بعض من تكلموا على الأعلام القرآنية، الذين توسعوا في الحديث عنها.ولا بد من التأكيد أخيراً على أن الأعلام الأعجمية الواردة في القرآن جاءت على قسمين: القسم الأول: الأعلام الأعجمية الممنوعة من الصرف: وهي لم ترد في القرآن إلا ممنوعة من الصرف، للعلمية والعجمية.وهذه الأعلام الأعجمية الممنوعة من الصرف اثنان وأربعون علماً، مرتبة كما يلي: إبراهيم إبليس، إدريس، آدم، إرم، آزر، إسحاق، إسرائيل، إسماعيل، إلياس، إليسع، أيوب، بابل، جالوت، جبريل، جهنم، داود، زكريا، سليمان، سيناء، طالوت، طوى، عمران، عيسى، فرعون، قارون، لقمان، مأجوج، ماروت، مريم، مصر، موسى، ميكال، هاروت، هارون، هامان، يأجوج، يعقوب، يعوق، يغوث، يوسف، يونس.القسم الثاني: الأعلام الأعجمية المصروفة، إما للتأنيث، وإما لدخول (أل التعريف) عليها، وهي ستة عشر علماً، مرتبة على حروف المعجم كما يلي: الإنجيل، التوراة، الجودي، الروم، الزبور، السامري، سواع، الطور، عزير، لوط، المجوس، النصارى، نسر، نوح، ود، اليهود.إن الأعلام الأعجمية المذكورة في القرآن ثمانية وخمسون علماً فقط، وهذه وحدها الكلمات الأعجمية في القرآن، فليس في القرآن من الكلمات الأعجمية إلا الأعلام، وهي كما لاحظنا قليلة وليست كثيرة، وكم أخطأ الذين أوصلوا الكلمات الأعجمية في القرآن إلى مئات، من غير الأعلام!!