المطالبة بحماية حقوق الإنسان من القهر والاستغلال قديمة قدم الظلم نفسه. فحيث وجد الظلم تعالت الأصوات مطالبة برفعه. وللأديان السماوية الدور المؤثر في منع التجاوز على الإنسان وردع المتجاوزين ومعاقبتهم. ويرتبط انتهاك حقوق الإنسان ارتباطا وثيقا بطبيعة المجتمع وقيمه وعاداته وتقاليده، وفهمه لهذه الحقوق ومدى تقبله لها. كما ترتبط مسألة ح...
قراءة الكل
المطالبة بحماية حقوق الإنسان من القهر والاستغلال قديمة قدم الظلم نفسه. فحيث وجد الظلم تعالت الأصوات مطالبة برفعه. وللأديان السماوية الدور المؤثر في منع التجاوز على الإنسان وردع المتجاوزين ومعاقبتهم. ويرتبط انتهاك حقوق الإنسان ارتباطا وثيقا بطبيعة المجتمع وقيمه وعاداته وتقاليده، وفهمه لهذه الحقوق ومدى تقبله لها. كما ترتبط مسألة حقوق الإنسان بعوامل تاريخية ودينية وسياسية، وبالنظام القانوني والسياسي القائم في الدولة. فما يعد في مجتمع حقا قد يعد غير ذلك في مجتمع آخر. وما يعد في الوقت الحاضر حقا، قد لا يعد كذلك في الزمن الماضي. فحقوق الإنسان تختلف من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر. وترتبط مبادئ حقوق الإنسان ببعضها بعضاً، وكل منها تعد مكملة للأخرى. فهي نظام متكامل الجوانب، تعدى حدود الدولة وأصبح نظاما عالميا يبيح التدخل لمنع الظلم في أية بقعة من العالم. فما يقع من انتهاك لحقوق الإنسان في دولة يتداعى له المجتمع الدولي للمطالبة برفعه عن مواطني تلك الدولة. وليس لها حق التذرع بكونه مسألة داخلية تخضع لسلطانها الداخلي. وجاءت الشريعة الإسلامية بقواعد إنسانية رفيعة المستوى. فكل آية في القرآن الكريم تعالج بصورة مباشرة أو غير مباشرة مسألة حقوق الإنسان ورفع الظلم عن الإنسان نفسه. فحرمت الظلم الواقع على الإنسان وإن كان صادرا منه على نفسه ، وفرضت عقابا على من يتجاوز على حقوق الإنسان الشخصية والمالية. وما مبدأ القضاء العادل في الإسلام إلا وسيلة من وسائل حماية حقوق الإنسان. وكنا قد ألفنا قبل سنوات كتابا عن حقوق الإنسان في الإسلام صدر عن دار الفكر العربي في بيروت. وإذا كان الإسلام قد أقر حماية حقوق الإنسان قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، فإن المجتمعات الغربية كانت تئن من الظلم والجور الذي كابده الإنسان من جراء الظلم والتسلط والاستحواذ على مجهوده حتى وقت قريب، مما دعا الفلاسفة ورجال الفكر إلى المطالبة بتحقيق العدل للإنسان ورفع الظلم عنه. وبمرور الوقت تكونت جمعيات ونقابات ومنظمات برزت على الصعيد الاجتماعي والسياسي مطالبة برفع الظلم عن الإنسان وحماية حقوقه. ومن هذا المنطلق صدر العديد من القوانين في الدول بعد الثورة الصناعية ضمنت حماية جانب من جوانب حقوق الإنسان، ولاسيما في مجالات العمل والرعاية الاجتماعية وتحسين السجون وحرية الفكر وتنظيم التجمعات السياسية والنقابية.