إنَّ علم "أُصول الفقه" هو من أهم العلوم الشرعيَّة، فَبِهِ يُتَوَصَّل إلى معرفة قواعد الأحكام الشرعية، وهو في الإصطلاح الشرعي: (العلم بالقواعد التي يُتَّوَصَّلُ بها إلى الفقه)، وأما الفقه فهو (مجموعة الأحكام العمليَّة المُستفادة من أدلَّتها التفصيليَّة).
ومن أهم كتب أصول الفقه، كتاب "المستصفى" للإمام الغزالي، أبي حامد، محمد بن...
قراءة الكل
إنَّ علم "أُصول الفقه" هو من أهم العلوم الشرعيَّة، فَبِهِ يُتَوَصَّل إلى معرفة قواعد الأحكام الشرعية، وهو في الإصطلاح الشرعي: (العلم بالقواعد التي يُتَّوَصَّلُ بها إلى الفقه)، وأما الفقه فهو (مجموعة الأحكام العمليَّة المُستفادة من أدلَّتها التفصيليَّة).
ومن أهم كتب أصول الفقه، كتاب "المستصفى" للإمام الغزالي، أبي حامد، محمد بن محمد بن محمد (ت 505هـ)، الذي عاش في العصر العباسي، أيام الدولة السلجوقية (429- 590هـ) التي حكمت منطقة خُراسان شمال غرب أفغانستان وأجزاء من جنوب تركمانستان، ومقاطعة شمال شرقي (إيران اليوم)، ألَّفه على طريقة المتكلَّمين، أي على طريقة الشافعيَّة، حيث يُفَصِّلون القاعدة، ويقيمون عليها الدليل، ولا يذكرون الفروع التي ارتبطت بهذه القاعدة إلاّ يسيراً.
اعتمد فيه الغزاليُّ أسلوب المدرسة الجُوَيْنِيَّة القائمة على الحوار والجَدَل والمُناظَرة وطريقة الفَنْقَلَة مع شدَّة تعظيم للصحابة رضي الله عنهم والإعتراف بفضلهم والذود عن حياضهم، وإتَّباع منهج مناقشة آراء من سبقه من العلماء بالموافقة أو المُخالفة، وترجيح ما يراه صواباً بمجموعة من القرائن والأدلة، سواء كانت عقلية أو نقلية، إضافة إلى نَقْضِه لآراء مخالفيه؛ وقد رتَّبه ضمن مسائل ذكرها، وذكر المتشعِّب منها، فبلغت عنده (176) مسألةً، وضع المحقق أمام كلٍّ مِنها عنواناً.
ونظراً لأهمية الكتاب اعتنى بتحقيقه الأستاذ "محمد عبد الرحمن المرعشلي" معتمداً على نسختين خطِّيَّتَيْن هما النسخة الأزهرية - بمصر، ونسخة أحمد الثالث - بتركيا، وقد صدَّر هذا العمل بدراسةٍ شملت موجزاً عن ترجمة الإمام الغزالي، وأهم كتب الأُصول على طريقة المتكلِّمين، ودراسةً لكتاب "المستصفى" شملت تبيان مضمونه، وأهميته وترتيبه العجيب، ومنهج مؤلِّفه الذي اعتمد فيه حرِّية الفكر، وابتعد عن تقليد من سبقه، مع تزيين الكتاب بالأمثلة الفقهية، وإستعراض أهم مصادره، وأسماء أهم العلماء الذين نقلوا عنه واستفادوا منه، وذكر أسماء كتبهم، وكذلك الذين شرحوه واختصروه.
كل ذلك مع دراسة نُسَخ الكتاب الخطيَّة والمطبوعة، وأخيراً ذكر مصادر التحقيق، وخطة العمل بالكتاب مع صناعة الكشّافات العلمية في آخر جزء منه.