إذا كانت الثقافة المتبادلة حاجة إنسانية، فإن العقائد تفرض نفسها كي تكون إحدى سمات تلك الثقافة الكونية التي يجب أن يتسم بها العقل البشري. ولعل الجهل بهذه السمة يشكل أحد المعوقات أمام جو من التفاهم الإنساني. ولعل ذلك جعل كثيراً من سوء التفاهم يسيطر على العقول والنفس حتى تحدث الحروب والنزاعات ومن ثم إرتهان البشر للإبادة والقتل والت...
قراءة الكل
إذا كانت الثقافة المتبادلة حاجة إنسانية، فإن العقائد تفرض نفسها كي تكون إحدى سمات تلك الثقافة الكونية التي يجب أن يتسم بها العقل البشري. ولعل الجهل بهذه السمة يشكل أحد المعوقات أمام جو من التفاهم الإنساني. ولعل ذلك جعل كثيراً من سوء التفاهم يسيطر على العقول والنفس حتى تحدث الحروب والنزاعات ومن ثم إرتهان البشر للإبادة والقتل والتشريد، وإلى هذا فإن علم مقارنة الأديان يلقي الأضواء على عقائد الشعوب القديمة، ويدفعنا لإدراك كيفية نظرتها للألوهية والنبوات والعالم الآخر، ثم نعرف كيف كانت الأساطير تدخل عالم عقائدهم، وكيف أن السحر أحد المكونات في تلك العقائد.بالإضافة إلى ذلك فإن عالم مقارنة الأديان يعرفنا كيف جرت مسيرة التحول والتطور الدينيين لدى الشعوب، فهل بدأت موحدة أم كانت وثنية. ثم تعرفنا كيف انتشرت الوثنية على تلك المساحات الشاسعة من تراب هذه الأرض، كيف انتقل التفكير الديني من المجرد إلى المجسم ثم كيف عاد إلى التجريد المتقدم المرتبط بالعقائد السماوية الكبرى.ومن خلال هذا العلم ندرك عملية التأثر والتأثير في العقائد الوضعية والوثنية الكبرى، كما عند الهندوسية والبوذية، وندرك أيضاً أحادية المصدر في بعض الأديان، بالإضافة إلى ذلك كله ومن خلال هذا العلم يمكن لنا أن نرى كيف استفادت العقيدة التوراتية من العقائد الوثنية المنتشرة في ذلك المحيط الجغرافي العربي القديم، كما أشارت إلى ذلك التوراة نفسها.وكيف يمكن تفسير وجود وصايا عشر لدى البوذية هي نفسها لدى الموسوية، ثم كيف تفسر التقاطع الحاصل بين القرآن الكريم والتوراة في بعض الأحداث المرتبطة ببعض الأنبياء، وهل بإمكاننا التسليم ببعض النظريات المفسرة للأديان المقارنة أو التي يمكن أن توضع تحت أضواء مقارنة الأديان كعلم، وهل ينطلق على العقائد الوضعية ينطبق على العقائد السماوية. من هنا، يمكن القول بأن علم مقارنة الأديان يجب على ألف سؤال وسؤال إذا ما وضع له منهج علمي عقلي بعيد عن الهوى والتعصب والانحياز الذي وقع فيه بعض علماء مقارنة الأديان.من هنا، تأتي أهمية هذه الدراسة التي تناولت دراسة معمقة وموضوعية لبعض الأديان والتي تحمل في مضمونها إجابات عن تلك التساؤلات وعن غيرها في هذا الإطار، يستهل الباحث دراسته في القسم الأول منها بإعطاء لمحة حول علم مقارنة الأديان جذوره وملامح تكوينه ولينتقل من ثم بالحديث عن مساهمات علماء العرب والمسلمين في التأصيل لهذا العلم دون أن يفضل جانباً للحديث عن جهود علماء الغرب أيضاً في هذا المضمار.ليتناول من ثم تداخل علم مقارنة الأديان مع العلوم الإنسانية مغنياً ذلك بدراسات تطبيقية لإتجاهات علم مقارنة الأديان النظرية من مثل دراسة مقارنة تطبيقية للعقائد الوثنية، ثم لعقيدة وثنية ومقارنتها بأخرى ذات جذور توحيدية، هذا في القسم الأول من الدراسة، أما القسم الثاني فقد جاء تحت عنوان في الإطار التطبيقي والذي تناول أولاً مفهوم الألوهية في الديانات الكبرى، ثم ليتناول الحديث عن مقاييس التأثر والتأثير بين العقائد؛ وبالتحديد مقاييس البشري والإلهي في التوراة والأنجيل، وليتعرض بعد ذلك إلى تلك العقائد المستحدثة من مثل عقيدة السيخ، البهائية، القاديانية، الزيدية والصائبة. وأخيراً، ليختتم هذه الدراسة بفصل كرّسه للحديث عن جبريل عليه السلام في إطار مفهوم ملاك الرب في العقائد السماوية وغيرها.