إن الإنسان يختلف في خلقه وتكوينه عن سائر المخلوقات، وكذلك فإن طبيعته الإنسانية متفقة مع متطلبات رسالته، والخالق هو الله جلَّت قدرته، فكان الخلق بميزان العالم بالأشياء، وكل شيء عنده بمقدار فتبارك الله أحسن الخالقين.ويعتبر العنصر البشري في منظمات الأعمال أحد العوامل الرئيسية المحددة لكفاءة الإدارة، وهو المحرك الرئيس للعوامل الأخرى...
قراءة الكل
إن الإنسان يختلف في خلقه وتكوينه عن سائر المخلوقات، وكذلك فإن طبيعته الإنسانية متفقة مع متطلبات رسالته، والخالق هو الله جلَّت قدرته، فكان الخلق بميزان العالم بالأشياء، وكل شيء عنده بمقدار فتبارك الله أحسن الخالقين.ويعتبر العنصر البشري في منظمات الأعمال أحد العوامل الرئيسية المحددة لكفاءة الإدارة، وهو المحرك الرئيس للعوامل الأخرى المتضافرة معها في المنظمات من أجل بلوغ الأهداف المنشودة، في كثير من الأحيان ويُنسب مستوى نجاح وفاعلية المنظمات في قدرة الإدارة على التحكم في سلوك العاملين فيها، بعد فهمهم واستيعابهم ثم توجيههم الوجهة السليمة المبتغاة، ولكي تنجح الإدارة في ذلك لا بد لها من الغوص في أعماق النفس البشرية ومحاولة التعرف والتفهم لسلوك العاملين فيها، فتعمل على تحسس رغباتهم وطموحاتهم، ومعرفة دوافعهم ونزعاتهم، ودراسة ميولهم وطرق تجمعهم، والأسلوب الأنسب لقيادتهم، وقياس حالات الرضى عندهم، ومستوى التعلم الذي بلغوه، وكيفية تطوير معارفهم وصقلها خدمة لأغراض المنشآت التي ينضوون تحت لوائها. إنَّ كل ذلك يتطلب من الإدارة العلمية الحديثة التوقف كثيراً عندها لدراسة سلوك الأفراد والجماعات والاستعانة بالخبرات العلمية والمعارف المتنوعة، التي يمكنها أن تقدم الدراسات والحلول والمقترحات والتوصيات المبنية على الأسس العلمية الواقعية، لتسخيرها لما فيه مصلحة العمل والعاملين. ففي كل يوم تطلع فيه الشمس تزداد الإدارة قناعة بأهمية العنصر البشري في كل المستويات، وبجميع مناحي العمل، فالإنسان هو من يوجد العمل والحركة والنشاط والإبداع في المنظمات، وهو الذي يمكن أن يعمل في المقابل بالاتجاه المعاكس ليكون سبباً في مجلبة السأم والمشاكل والانتكاسات، لذلك تجري الدراسات والأبحاث لمحاولة التعرف على المؤثرات السلوكية لبث روح من النشاط والحيوية في سلوك وتصرفات العاملين في المنظمات، وعلى ضوء علاقة العامل بإدارته ومستوى قبوله لها تتحدد المحبة والالتزام ومنها الطاعة والانسجام، وبذلك تتحقق الإنتاجية العالية ومسيرة البلوغ للنهايات المرجوة في تحقيق الأهداف المنشودة.وبما أن الإدارة عملية مستمرة وتطمح لتحقيق أهداف محددة باستخدام الجهد البشري، مستعينة بالموارد المادية المتاحة، فإن السلوك الإنساني لا يعدو كونه محصلة للتفاعل بين صفات الفرد وخصائصه من ناحية، وبين صفات المواقف وطبيعة الظروف المحيطة بالإنسان من ناحية أخرى، وما على الإدارة الحصيفة إلا أن تدرس المواقف لتتخذ حيالها الإجراءات المناسبة بما يحقق مصلحتها بالكفاءة والفاعلية المطلوبة.والكتاب الذي بين يديكم هو مساهمة لإثراء المكتبة العربية، ومحاولة لتسليط الأضواء على الجوانب السلوكية ومؤثراتها في منظمات الأعمال، وقد استعنت بالله أولاً، ثم بخلاصات أفكار الكتاب والمهتمين بهذا الجانب ممن تيسرت لي إمكانية الاطلاع على آرائهم والوقوف على دراساتهم، واستنرت بآراء زملائي الأكاديميين، وملاحظات أبنائي الطلاب واستفساراتهم، وكذلك آراء وملاحظات بعض العاملين وأصحاب المصانع والمديرين من العاملين في القطاعين العام والخاص، للتركيز على بعض الأفكار العلمية والعملية، وبما يتناسب مع الواقع العربي في منشآتنا، مستفيداً من تجارب من سبقونا من الحضارات والأمم الأخرى، ومستهدياً بمنهج ديننا الحنيف الذي هو المنارة والنبراس للعلوم الدينية والدنيوية، آملاً من وراء ذلك أن يساعد هذا الجهد كلاً من التدريسيين والدارسين والمهتمين للوقوف على أهمية العلوم السلوكية التي لا غنى لأي مدير أو مهتم عنها.