في مقدّمة ديوانه {صهيل الأغاني الحائرة} وتحت عنوان {عند العتبة}، يحاول الشاعر أمين ألبرت الريحاني مقاربة للكتابة: {الكتابة حفرٌ في صخر الكلمات، تلوين على خامة البياض، ومطاردة ألحان تسمعها خلف أصداء الصمت}. وبما أنّ الكتابة تمارَس كالجنس، بحسب رأيه، فالتعاطي مع الكلمة مضاجعة ذات وقت يطول على متعة في إقامة مراسم الزواج الأبدي بين ...
قراءة الكل
في مقدّمة ديوانه {صهيل الأغاني الحائرة} وتحت عنوان {عند العتبة}، يحاول الشاعر أمين ألبرت الريحاني مقاربة للكتابة: {الكتابة حفرٌ في صخر الكلمات، تلوين على خامة البياض، ومطاردة ألحان تسمعها خلف أصداء الصمت}. وبما أنّ الكتابة تمارَس كالجنس، بحسب رأيه، فالتعاطي مع الكلمة مضاجعة ذات وقت يطول على متعة في إقامة مراسم الزواج الأبدي بين بياض الورق والألوان، وفي تعقُّب فراشات ذات أجنحة مُمَوسَقة ترفّ في ظلال أسوار الصّمت. ولا يخفي الريحاني أنّ الكتابة تحيل بين صاحبها والشيخوخة، وأنّها مجاز الحياة والروح قبل أن تكون لائذة بمجاز اللغة وبيانها. والشِّعر اكتشاف للعالم مثلما النّقد اكتشاف للشِّعر، و{الشّعر إغواء وإثارة جنسيّة للّغة. الشّعر سرير المفردات الغواني}. هكذا يلتحم الشاعر باللغة، يقصدها أنثى، يضاجعها بهدف الإنجاب. الإنجاب بحدّ ذاته هو المتعة المقصودة، إنجاب النصّ الذي يعيد بناء العالم. وينهي الريحاني مقدّمته معلنًا أنّه أخذ من نسغ الشّعر، واستوحى قامة الفلسفة، واستعان بإكسير النّقد في بوحه الشّعريّ، ما يعني أنّه يكتب بذاته مجتمعة، فهو صاحب الفلسفة والنّقد والشّعر، ويريد نصّه ذا أقانيم ثلاثة، وتكمن خطورة هذا الرأي في خشية صعوبة العدل بين الشّعر والفلسفة والنّقد في ساحة القصيدة.