مضت على الثورة العراقية الكبرى زمن طويل، ولا زالت رمزاً مقفلاً في أوجه الباحثين والمؤرخين، وسراً دفيناً في قلوب القوميين والوطنيين، فكان تلك الصرخة المدوية التي أصمت آذان ستمائة مليون نسمة، وزعزت كيان خمس الكرة الأرضية، وانتزعت من بين مخالب الأسد البريطاني هذه المملكة الفتية، بملكها ودستورها، وبرلمانها وسائر تشريعاتها، كأن تلك ا...
قراءة الكل
مضت على الثورة العراقية الكبرى زمن طويل، ولا زالت رمزاً مقفلاً في أوجه الباحثين والمؤرخين، وسراً دفيناً في قلوب القوميين والوطنيين، فكان تلك الصرخة المدوية التي أصمت آذان ستمائة مليون نسمة، وزعزت كيان خمس الكرة الأرضية، وانتزعت من بين مخالب الأسد البريطاني هذه المملكة الفتية، بملكها ودستورها، وبرلمانها وسائر تشريعاتها، كأن تلك الصرخة المدوية كانت صيحة في وادٍ أو نفخة في رماد.ولمن المؤلم حقاً رؤية أبناء الرافدين وهم في غفلة عن هذا الموضوع التأريخي الذي زعزع كيان الإستعمار البريطاني، وقوض أركانه في هذا الجزء من الوطن العربي الأكبر، متناسين أن تلك الأشلاء التي تمزقت وتلك الأرواح التي أزهقت، بفعل وسائل القتال البريطانية التي كانت تصبّ عليهم جحيم الموت الزؤام، وتهدم بيوتهم، وتدمر ديارهم.ولعل أحجام المؤلفين والمؤرخين عن الخوض في التأريخ هذه الثورة المجيدة، وإعلان أسرارها الدفينة، كان وليد المقاومة العنيفة لكل ما من شأنه إظهار الشعور القومي الوطني في الوطن العربي، وضرب كل فكرة حرة وهي في المهد.من أجل ذلك يأتي هذا الكتاب الذي يكشف عن تلك الأسرار التي أحاطت بالثورة العراقية الكبرى، إظهاراً للحقائق التاريخية، وما تتطلبه العوامل الوطنية البحتة، حيث عمد المؤرخ في كتابه هذا إلى جمع معظم أخبار الثورة، كما قام بإيراد أهم مستنداتها، فاتحاً بذلك الباب على مصراعيه لمن يريد الكتابة في هذا الموضوع.