"أبطال من التاريخ" كتاب يكشف العديد من الدروس التي آمن ديورانت بأن من واجب التاريخ أن يلقننا إياها: من الدين والسياسة إلى القضايا الاجتماعي كالصراع الطبقي مثلاً، وصولاً حتى إلى الجدل الدائر مؤخراً حول أهلية المثليين للخدمة العسكرية فمن الصعب مثلاً، العثور في التاريخ على ما يدل أن المثليين لم يكونوا محاربين أشداء.ففي الفصل الثامن...
قراءة الكل
"أبطال من التاريخ" كتاب يكشف العديد من الدروس التي آمن ديورانت بأن من واجب التاريخ أن يلقننا إياها: من الدين والسياسة إلى القضايا الاجتماعي كالصراع الطبقي مثلاً، وصولاً حتى إلى الجدل الدائر مؤخراً حول أهلية المثليين للخدمة العسكرية فمن الصعب مثلاً، العثور في التاريخ على ما يدل أن المثليين لم يكونوا محاربين أشداء.ففي الفصل الثامن من هذا الكتاب، يتحدث ديورانت عن جيش تابع لمدينة طيبة اليونانية، بقيادة إبيامينونداس، وقوامه 300 رجل كانوا يعرفون بـ"العشاق الإغريق"، وتربطهم معاً ميول جنسية مثلية. هؤلاء المثلييون هم الذين دحروا الإسبارطيين، أشرس المقاتلين في كل بلاد اليونان القديمة، في موقعة لوكترا في عام 371ق.م. منهين بذلك سيطرة إسبارطة على اليونان.ويميط أبطال من التاريخ اللثام أيضاً عن ويل ديورانت رجلاً أكثر صرامة وأكثر شخصانية، وربما يكون هذا بسبب تقدمه في السن، أو لقدر أكبر من الشعور بالحرية تأتي له بعد قضاء ما يربو على ستين سنة في حقل صنعته إلى حد الكمال. أياً يكن السبب، فنحن إزاء ويل ديورانت جديد كل الجدة، ديورانت يتحدث بصراحة وبمنتهى الراحة، متناولاً قضايا كالجنس والسياسة والدين، وهي مواضيع غالباً ما كان المؤرخون، معظم المؤرخين، إنما يشيحون عنها حياءً، أو يلبسونها تسميات علمية فضفاضة.زد على ذلك أن استعمال ديورانت لصيغة المتكلم، يتم عن شعور بوجوب الإدلاء بشهادة شخصية في مسائل ذات أهمية بالغة بالنسبة إليه، إن الجوهر الرئيسي لجميع كتابات ويل ديورانت، ليتلخص في أن الحضارات أنتجت أفكاراً معينة لما فيه خير البشرية وتقدمها، وأن الحكم على نجاعة هذه الأفكار قد صور بالفعل من محكمة التاريخ...هذا إذاً تجمّلنا بالصبر لسماع الحكم! فبدلاً من إنفاق الساعات الطوال في تجريد نظري لإحدى المسائل الفلسفية إما إذا كانت الثروة المرتكزة بين أيدي أقلية ضئيلة تجب إعادة توزيعها على العامة أم لا، على سبيل المثال، نجد تراثنا الإنساني يمتلك ما يكفي من الأمثلة الحسية، عما إذا كان هذا المبدأ أعطى النتائج المرجوة منه، أم أنه جرّ كوارث غير منتظرة.إن كتاب ويل ديورانت هذا ليس مجرد جمع للتواريخ أو الشخصيات أو الأحداث، كما أنه ليس تلخيصاً لرائعته قصة الحضارة، بل هو الدروس والعبر المستفادة من تراثنا الإنساني، من أجل بناء الأجيال القادمة وخيرها. إنه ثقب المفتاح الذي يمكننا أن نتلصص من خلاله والكلمة لديورانت نفسه: مدينة سماوية على بلاد عقلية من نوع خاص، حيث ما فتئ آلاف القديسين والسياسيين، والمخترعين، والفلاسفة يحيون ويتكلمون، يعلمون وينحتون، وينشدون...