لعبت المرأة في المجتمع الإسلامي دوراً مهماً في الحياة الأدبية، عبر العصور الإسلامية الأولى، سواءً كانت شاعرة أديبة أن ناقدة للشعر. ولم يكن الأدب والشعر في النساء حكراً على فئة دون سواها، فالنساء الأديبات من كل طبقة وكل جماعة. ولعل أول صوت نسائي ظهر في بيت الخلافة في الشعر والأدب هو صوت "شكلة بنت شاه افرند"، ومن شواعر البيت العبا...
قراءة الكل
لعبت المرأة في المجتمع الإسلامي دوراً مهماً في الحياة الأدبية، عبر العصور الإسلامية الأولى، سواءً كانت شاعرة أديبة أن ناقدة للشعر. ولم يكن الأدب والشعر في النساء حكراً على فئة دون سواها، فالنساء الأديبات من كل طبقة وكل جماعة. ولعل أول صوت نسائي ظهر في بيت الخلافة في الشعر والأدب هو صوت "شكلة بنت شاه افرند"، ومن شواعر البيت العباسي أيضاً "علية بنت المهدي" التي نبغت في التلحين والأداء والغناء. ويقول الصولي الذي جمع معظم أخبارها: "لا أعرف لحلفاء بني العباس بنتاً مثلها. على أن لها شعراً حسناً، وصنعة في الغناء حسنة كثيرة". وللأصفهاني رأي مشابه لرأي الصولي، إذ قال: كانت علية تقول الشعر الجيد وتصوغ فيه الألحان الحسنة".وتفيد الكتب التي روت أخبارها أن لعلية ديوان في الشعر هو هذا الكتاب الذي نقلب صفحاته والذي جمعت فيه المحققة الدكتورة "رحال عكاوي" مجمل ما وقفت عليه من أشعار علية بنت المهدي. هذا الشعر الذي يشكل سجلاً لأخبارها، ويغطي معظم جوانب حياتها الشخصية، وهو إضافة إلى ذلك وثيقة تاريخية لحياتها وعصرها.ولما كانت الغاية من تحقيق ديوان شعر، أي ديوان، هي تقديم نص صحيح مثبت، فلذلك وجب على الدكتور، رحاب عكاوي الاعتناء باختلاف الروايات والتثبيت مما صح منها، وإذا كان بعض الدواوين قد أوتي حظاُ وافراً من الانتشار فكثرت نسخه، وربما كان هذه النسخ أحياناً ثلاثاً أو أربعاً، أو أكثر، فإن شعر علية لم يتعد مصادر ثلاثة هي: "أشعار أولاد الخلفاء" لأبي بكر الصولي، وهو الذي احتوى على قدر كبير من شعر علية ونزهة الجلساء في أشعار النساء "للإمام السيوطي" و"الأغاني" [بي فرج الأصفهاني.وقد كانت هذه المصادر الثلاثة الأصل الذي اعتمدت المحققة عليه في تخريج أشعار علية، هذا عدا ما وجدته من شعرها في بعض المصادر الأخرى التي ذكرت لها بعض الأبيات، من مثل "خلاصة الذهب المسبوك" لعبد الرحمن سنبط قنيتو الإربلي، و"وفوات الوفيات" لمحمد بن شاكر الكتبي، و"العقد الفريد" لابن عبد ربه، و"معجم البلدان" لياقوت الحموي. وفي تخريج الأبيات طافت المحققة بالمصادر جميعها تثبتت من نسبتها إلى علية، وكانت بعد أن تستوفي التخريج تعدل إلى الشرح، واستكمالاً لفرض الشرح كانت تضيف ما تجد ضرورة إضافته زيادة في الإيضاح من جهة، ومن جهة أخرى فقد وقفت على كثير من الهنات والسقطات التي لم ينتبه إليها الذين تناولوا أشعار علية، فاستدركت السقط ونبهت إليه، وإن لم يكن موفياً الديوان حقه لاشتمال النقص على إنسان منا.