دعاوى الغبن

الغبن عيب من غيوب الرضى نص عليه قانون الموجبات والعقود اللبناني في المادتين 213 و214 سيما وأن الرضى في العقود يكون متغيباً -بل معدوماً تماماً- في بعض الأحوال إذا أعطى عن غلط، أو اخذ بالخدعة، أو انتزع بالتخويف أو كان ثمة غبن فاحش أو عدم أهلية.وإذا كان الغبن، هو التفاوت وانتفاء التوازن بين الموجبات التي توضع لمصلحة فريق أو الموجبات التي تفرض على الفريق الآخر إلا أن القانون اللبناني والاجتهاد المستمر أيضاً اعتبرا أن الغبن لا يفسد العقد إلا إذا كان فاحشاً وغير مألوف أو كانت هناك حالة استغلال ضيق أو طيش أو عدم خبرة المغبون.الغبن الفاحش والغير مألوف يعود تقديره لسلطة القاضي بعد الوقوف على الأسعار الرائجة بسعة البيع أو تقارير الخبراء أو ذوي الشأن إلا أن بعض التشريعات ومنها التقنين المدني المصري -مثلاً- حددت مقدار نسبة الغبن في النصوص القانونية التي ترعى دعاوى الغبن الفاحش واعتبرت في المادة 425 أنه: "إذا بيع عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية وكان في البيع غبن يزيد على الخمس، فللبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل... ويجب لتقدير ما إذا كان الغبن يزيد على الخمس أن يقوم العقار بحسب قيمته وقت البيع".بدوره ألتقنين المدني السوري ذهب إلى نفس الاتجاه الذي أخذ به التقنين المدني المصري في دعاوى الغبن -كذلك فعل التقنين المدني الليبي. القانون اللبناني لم يحدد نسبة معينة للغبن (كما فعل القانون المصري (الخمس) بحيث عند ثبوت الغبن الشاذ أو الفاحش يبطل العقد.في القانون الفرنسي، يجوز الطعن في بيع العقار المملوك لكامل الأهلية إذا زاد الغبن على 7/12 من قيمة العقار وقت البيع، ويجبر المشتري إما على رد الغبن واسترداد الثمن وإما على تكملة الثمن إلى تسعة أعشار القيمة وقت البيع.. وفي الفقه الإسلامي يمنع الغبن إطلاقاً في الأموال الربوية كذلك لا يصح الطعن بالغبن في المقايضة.الجدير ذكره أيضاً، أن الغبن يمكن أن يطال الوكالة، طالما أنها عقد يفرض موجبات متبادلة على الوكيل والموكل وهذا ما أكدته محكمة الدرجة الأولى في بيروت بقرارها رقم 133 تاريخ 24/2/2000، كما أن محكمة التمييز اللبنانية الغرفة الثالثة -اعتبرت أنه عندما يكون العقد باطلاً للجنون النافي للأهلية، فلا حاجة للتثبيت من عنصر الغبن لأن العقد يفقد أركانه كافة بمعزل عن الغبن كما أكدت المحكمة عينها أن واقعة قبض الثمن لا تعني ثبوت العقد.وبالنظر لأهمية هذا الموضوع فقد رأى المحامي نزيه شلالا ضرورة إصدار هذا المؤلف الجديد من سلسلة "الموسوعة القضائية"-الغبن، وقد بين فيه أهم القواعد والأسس والعناوين الكبرى الذي يندرج ضمنها موضوع: الغبن في العقود، سيما وقد عانى اللبناني خلال الأعوام المنصرمة من الضغوط النفسية، والاجتماعية، والمادية، والاقتصادية، والتي دفعته إلى بيع عقاراته وممتلكاته أو التنازل عنها وهو يعلم تمام العلم أن حقوقه المشروعة -مهدورة- وإنه إنسان مغبون إلى حد كبير...