يسعى هذا المصنف لدراسة القواعد الإجرائية المنعية اتخاذها أمام مختلف المحاكم اللبنانية لكي يحصل المتقاضي على ما يعتقد أنه حق له، وبزوال عصر القصاص الخاص، وكون الشخص ينتصب من نفسه خصماً وحكماً ويقتص لنفسه بنفسه وبظهور فكرة الدولة المركزية بسلطاتها المختلفة ومنها السلطة القضائية صار اللجوء إلى المحاكم عند حدوث النزاع أمراً ضرورياً ...
قراءة الكل
يسعى هذا المصنف لدراسة القواعد الإجرائية المنعية اتخاذها أمام مختلف المحاكم اللبنانية لكي يحصل المتقاضي على ما يعتقد أنه حق له، وبزوال عصر القصاص الخاص، وكون الشخص ينتصب من نفسه خصماً وحكماً ويقتص لنفسه بنفسه وبظهور فكرة الدولة المركزية بسلطاتها المختلفة ومنها السلطة القضائية صار اللجوء إلى المحاكم عند حدوث النزاع أمراً ضرورياً وملزماً.وللخصوم كما للقاضي وأعوانه وكما للدولة أصول للتقاضي وإجراءات يتعين احترامها وإتباعها حتى يقول القانون كلمته ويحق الحق لصاحبه وتسود السكينة والأمن المدني وتسود هيبة الدولة وسلطانها. والإجراءات هي أعمال قانونية، رسمية، شكلية، آمرة، جزائية على الجميع احترامها والالتزام بها كما وردت في القانون. فسلطان الإرادة ينسحب من مجال القانون الإجرائي، تاركاً للقانون تنظيم كل شيء. فالإرادة حرة في اللجوء إلى القضاء أو عدم اللجوء له. فإن قررت التقاضي خضعت خضوعاً كاملاً لهذه الإجراءات لا تملك الإفلات منها.وقواعد الإجراءات تشغل من الناحية الفنية دور التابع أو الخادم أو الوسيلة للقانون الموضوعي المنظم لأصل الحق. فليس لها هدف خاص بذاتها، وكل ما نرجوه هو إعطاء كل الفعالية للقواعد الموضوعية المنظمة لأصل الحق عن طريق إعمال الجزاء المادي الوارد بها عند خرق هذه القواعد.فالقاعدة الموضوعية المنظمة للحق أياً كان مصدرها، تنشئ الحق وتحدد آثاره وأسلوب حمايته قانوناً. ويتم احترام الحق تلقائياً من الجميع خوفاً من إعمال جزاء القاعدة الموضوعية، فإذا اعتدى على هذا الحق كان لازماً إعمال الجزاء الموضوعي. فإذا تم هذا الإعمال بإرادة محدث الضرر أو المعتدى كان بها, ويقال إن القانون تم احترامه تلقائياً.أما إذا لم يتم ذلك بإرادة حرة فإن القاعدة الموضوعية تحقق فعاليتها ويبرز على الفور دور القاعدة الإجرائية في تعضيد هذه الفعالية وإعادة النشاط إليها عن طريق فتح المجال للتقاضي، وقيام القاضي بإعمال ذات الجزاء الكامن في القاعدة الموضوعية، والذي كان يجب إعماله بإرادة حرة مختارة، ولكن ذلك لم يتم. ويعمل القاضي الجزاء الموضوعي في صورة حكم يقرر الحق الموضوع ويشخص الحماية القانونية بإضافة الحماية القضائية إليها في سند رسمي هو القرار القضائي الذي ينفذ جبراً. وذلك ترجمة لعنصر الجزاء المادي القائم في القاعدة المقررة لأصل الحق، والذي تلتزم السلطة العامة بإعماله جبراً على المخالف.