مرت علوم البلاغة العربية بعدّة أطوار إلى أن وصلت إلينا في حللها التي تأسر النفوس وتأخذ بمجامع القلوب. وإن لم يكن يسيراً تلمس البذور الأولى لهذه العلوم في أول نشأتها، إلا أنه من المتفق عليه عند أهل العلم والاختصاص أن بدايتها تمثلت في مواقف نقدية للشعراء والخطباء في العصر الجاهلي. ثم جاءت الصدمة الكبرى حين أخذت الآيات الكريمة تنزل...
قراءة الكل
مرت علوم البلاغة العربية بعدّة أطوار إلى أن وصلت إلينا في حللها التي تأسر النفوس وتأخذ بمجامع القلوب. وإن لم يكن يسيراً تلمس البذور الأولى لهذه العلوم في أول نشأتها، إلا أنه من المتفق عليه عند أهل العلم والاختصاص أن بدايتها تمثلت في مواقف نقدية للشعراء والخطباء في العصر الجاهلي. ثم جاءت الصدمة الكبرى حين أخذت الآيات الكريمة تنزل على صدر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فقدرت السنة الفصحاء وحيّرت عقولهم.وظل الأمر على تلك الحال إلى أن تبلورت تلك المعارف البلاغية وتوضحت معالمها في القرن الثالث الهجري. ولا يختلف الباحثون في أن الباحث الأول على الاهتمام بهذه والعلوم في ذلك الوقت بالذات كان القرآن الكريم، فقد دفع اهتمام المسلمين لتفسيره واستيعاب آياته والذود عنها والرد على خصومها من أصحاب العقائد الزائفة والفلسفات الفاسدة. ويستدل على ذلك من وفرة ما تقع عليه في كتب الأوائل من اهتمام زائد بالذكر الحكيم وإن كان لا يعلم أحد سبق أبا عبيدة معمر بن المنثى (209هـ) الذي وضع كتاباً في علم البيان أسماه مجاز القرآن إلا أن أول محاولة جادة في هذا الميدان جاءت على يد الخليفة العباسي ابن المعتز (296هـ) صاحب كتاب البديع الذي تحدث فيه عن محاسن الشعر والكلام وفنون البديع، وذلك يعرضه لشواهد رائعة من: آيات كريمة وأحاديث شريفة، وأبيات مختارة، إظهاراً لعناصر الجمال فيها، فكان بحق نواة تحت من خلاله شجرة البلاغة العربية فيما بعد.هذا وان العلماء القدامى لم يفرقوا بين البلاغة والفصاحة، واستخدموها مترادفتين، تقوم إحداهما مقام الأخرى، ويقصد في كل منها الإبانة عن المعنى وإظهاره. وإذا كان بعض المتأخرين منهم كأبي يعقوب السكاكي، وابن الأثير (637هـ) ومن سار على دربهما قد حاولوا التمييز بينهما، فأخرجوا الفصاحة من كنف البلاغة، فإن الأمر قد انتهى في العصور المتأخرة إلى إطلاق علوم البلاغة على: المعاني، والبيان والبديع وحول علوم البلاغة الثلاث هذه دار البحث في القسم الأول من هذا الكتاب. أما القسم الثاني فقد تناول المؤلف فيه علم العروض حيث تطرق للحديث عنعلم العروض ومعانيه ونشأته ثم تحدث عن مفهوم الشعر وعن القصيدة العربية والوزن العروضي والتفاعيل العروضية. تعريفها أقسامها تحليلها وبيت الشعر تعريفه أقسامه وأنواعه ومراحل التقطيع والكتابة العروضية وقواعدها مستعرضاً رموز التقطيع مع نماذج تطبيقية منتقلاً من ثم لبيان التفاعيل وتغييراتها مخصصاً بعدها مساحة خاصة للحديث عن البحور الشعرية.