لا شك أن القارئ العربي المعاصر وخاصة بين شبابنا لتاريخ العلوم وتطورها ومعرفة دورنا فيها عبر العصور إنما يمثل شرطاً من شروط خلق هذه البيئة المواتية للتقدم العلمي المعاصر. فهو من عوامل بث الثقة بين شبابنا فضلاً عن أن تاريخ العلم كما هو معروف تاريخ تراكمي أي أنه من الضروري التعرف عليه حتى يكتشف العالم المعاصر مواطن القصور فيبحث فيه...
قراءة الكل
لا شك أن القارئ العربي المعاصر وخاصة بين شبابنا لتاريخ العلوم وتطورها ومعرفة دورنا فيها عبر العصور إنما يمثل شرطاً من شروط خلق هذه البيئة المواتية للتقدم العلمي المعاصر. فهو من عوامل بث الثقة بين شبابنا فضلاً عن أن تاريخ العلم كما هو معروف تاريخ تراكمي أي أنه من الضروري التعرف عليه حتى يكتشف العالم المعاصر مواطن القصور فيبحث فيها ويفسر ما عجز الآخرون عن تفسيره أو ما لم يهتموا بتفسيره أصلاً.ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ؛ فقد قدمنا فيه لمحة سريعة جداً عن نشأة العلم والفكر العلمي في الحضارتين الشرقية واليونانية ثم ركزنا الدراسة حول ثلاثة من العلماء البارزين بين الحضارة اليونانية والحضارة العربية الإسلامية. فجاءت الدراسة الأولى عن أرسطو في تأسس هذه العلوم وعرضت لأبرز نظرياته العلمية. أما الدراسة الثانية فكانت عن جهود واحد من أبرز العلماء العرب وأكثرهم موسوعية وهو أبو بكر الرازي وإن كان المعروف عنه أن إبداعه تركز في العلوم الطبيعية المختلفة وخاصة علم الطب.أما الدراسة الثالثة فكانت عن الحسن بن الهيثم عالم البصريات والرياضيات الأشهر في تاريخ العلم العربي. وقد تميزت هذه الدراسات بمحاولة المقارنة الدائمة بين جهود هؤلاء العلماء الثلاثة لنلقي الضوء على أمرين هامين؛أولهما: أن العلوم العربية قد تأثرت بلاشك بجهود علماء اليونان وخاصة أبرعهم وأشهرهم أرسطو. وثانيهما: أن إبداعات العلماء العرب وخاصة عند هذين العالمين الكبيرين الرازي وابن الهيثم قد تفوقت وأضافت الكثير على العلوم اليونانية عموماً والأرسطية خصوصاً، ووضعت الأساس الحقيقي للنهضة العلمية في الغرب الحديث: فإلي هذين العالمين العربيين الكبيرين يرجع الفضل في إكتشاف وتطبيق أبرز عناصر المنهج التجريبي الذي عُد أساس التقدم العلمي في العصر الحديث، وإليهما يرجع الفضل في إكتشاف أو بلورة العديد من النظريات العلمية الهامة في مجال تخصصهما مما أدى إلي حدوث طفرة حقيقية في تاريخ العلم عبر اكتشافاتهما المبهرة.وعلى كل حال فما قدمناه في هذا الكتاب ليس إلا الضوء الذي قد يكشف عن بعض الإنجازات العلمية في تاريخ العلم في العصرين اليوناني والعربي ولكنه لا يغطي كل هذه الإنجازات فهناك العشرات من العلماء اليونان والعرب لم يتيسر الوقت والظروف التي تجعلني أسجل لإنجازاتهم عبر هذا الكتاب.ولا شك أن تاريخ العلم اليوناني لا يكتمل إلا بمعرفة جهود علماء بارزين كأبقراط وبطلميوس وأرشميدس وجالينوس وغيرهم، كما أن تاريخ العلم العربي لا يكتمل إلا بمعرفة تاريخ وإبداعات علماء أفذاذ من أمثال جابر بن حيان وابن النفيس والخوارزمي ونصير الدين الطوسي وابن سينا وغيرهم.