"مساء الوطن.. ورائحة الأيام الماضية.. وهذا الصيف يفتح بيوت الجميع.. هنا في الكويت، وفي العراق تخرج القلوب إلى واجهات المنازل تنظر إلى الآفاق.. تنتظر شيئاً يطول انتظاره. اقترب الشيخ من البيت الذي كان يجلس أمامه ثلاثة أشباح. وقال أبو بدر لأبيه وأمه: ترى من يكون هذا الذي يقصد بيتنا؟ قال الجدّ: أين؟ لا أرى شيئاً. قالت الجدّة: أما أن...
قراءة الكل
"مساء الوطن.. ورائحة الأيام الماضية.. وهذا الصيف يفتح بيوت الجميع.. هنا في الكويت، وفي العراق تخرج القلوب إلى واجهات المنازل تنظر إلى الآفاق.. تنتظر شيئاً يطول انتظاره. اقترب الشيخ من البيت الذي كان يجلس أمامه ثلاثة أشباح. وقال أبو بدر لأبيه وأمه: ترى من يكون هذا الذي يقصد بيتنا؟ قال الجدّ: أين؟ لا أرى شيئاً. قالت الجدّة: أما أنا فأراه قليلاً.. وأشارت إلى جهة أخرى لم يقصدها ابنها. فنظر أبو بدر حيث أشارت فرأى طيفاً آخر غير الذي قصد. كان الانتظار معصرة تعيش فيها القلوب الثلاثة أيامها.. وأعوامها، صباحاً ومساءً، وكانت الآفاق تشحّ بوجه حبيب غائب. واقترب الشبحان.. بدأت الملامح تظهر. قام الثلاثة. الشاب الأسمر فقد الإحساس برجليه، وغدا مجرّد مشدوهتين تحملقان في الوجوه الثلاثة المنقوشة في جدار البيت، والتي كان قد تركها كذلك حين رحل. الشيخ المتلفح بالسّواد يقترب.. تلتقي الأعين.. تقترب الخطى أكثر.. يتقدم الجدّ بعصاه.. تتبعه زوجته، يأخذ ابنه بيده ويدها، يعينها على خطو ثقيل. "أم بدر"، قال الشيخ عمر وهو ينظر في وجه المرأة المتلفقة بالسواد "لقد عُدْتِ".. ثم تحركت شفتاه: "بدر وأنت عدت أيضاً يا صغيري؟؟". عقدت الدهشة الألسنة، كان الموقف أكبر من الضم، والدمع والشكوى.. نظر الشيخ إلى الشمس الآيلة نحو المغيب وهو يقول: إنها تغيب لتعود، وكالشمس عادت أمّك يا بدر.. وصاح بدر وهو يجري نحو صدرها: أ... ي.. لكن الشيخ عامراً وابنته عائشة وسكان قرية الزيتون كانوا لا يزالون في الظلام ينتظرون شيئاً لا يأتي، وتأتيهم أشياء لم ينتظرونها.. لكن الشمس ستطلع عليهم، هكذا قال الشيخ عمر بعد ذلك لحفيده بعد أن سمع قصته، وأضاف: لأن الشمس أقوى من البندقية".ضمن مناخات درامية تجري أحداث هذه الرواية التي اقتبسها الروائي من واقع الغزو العراقي للكويت وما أفرزه هذه الغزو من تداعيات على صعيد العلاقات الأسرية في المجتمع الكويتي بصورة عامة.