يلوح في الأفق الآن، ويدور في أذهان الناس، صورتان متقابلتان، عن الدين، ينشأ عنهما نتيجة خطيرة، أما الصورة الأولى: فهي فكرة قائمة عن الدين، وشبهات داكنة عن مبادئه وأحكامه، وتاريخ أسود عن بعض حقب الدهر، وهذه الصورة ليست من الحقيقة في شيء، وأما الصورة الثانية فإنها صورة برّاقة لمّاعة، تتجلى في التقدم العلمي ومعطيات الحضارة والإنتاج ...
قراءة الكل
يلوح في الأفق الآن، ويدور في أذهان الناس، صورتان متقابلتان، عن الدين، ينشأ عنهما نتيجة خطيرة، أما الصورة الأولى: فهي فكرة قائمة عن الدين، وشبهات داكنة عن مبادئه وأحكامه، وتاريخ أسود عن بعض حقب الدهر، وهذه الصورة ليست من الحقيقة في شيء، وأما الصورة الثانية فإنها صورة برّاقة لمّاعة، تتجلى في التقدم العلمي ومعطيات الحضارة والإنتاج الصناعي الحديث والتقنية الفنية والمكتشفات العظيمة، التي يسخرها الإنسان في حياته ومواصلاته، وتزيل عنه متاعب الماضي في مختلف اتجاهات الحياة، مما يخلب الأنظار، ويشغل الفكر، ويحجب كثيراً من البسطاء عن كشف الحقيقة، والتعمق في النظرة.أما النتيجة التي يخرج بها كثير من الناس، وخاصة من الشباب والمثقفين، فهي أن الدين "موضة" قديمة، وقد ولى زمانها، ويمكن بسهوله ويسر الاستغناء عن الدين، بل يتطاول أكثرهم إلى وجوب الاستغناء عن الدين وفصله عن الدولة، ويسرف بعضهم فيقول: إنّ الدين والتدين ظاهرة سيئة، وعلامة على التخلف، ويتبرع هؤلاء بتقديم البرهان والدليل على صحة ما يقولون بأنهم أصبحوا في عصر العالم والمدنية والحضارة.وبيناً للحقيقة والواقع، ورداً على هذه التساؤلات والشبهات، جاء هذا البحث الموجز والذي يبين للقارئ مفهوم الدين ووظيفته في الحياة، ومدى حاجة الناس إليه، وهل يمكن للعلم أن يحل محل الدين ويحقق للبشرية آمالها وأحلامها؟ وتبرز أهمية هذا البحث من كونه جاء جامعاً ما بين الدراسة الفكرية النظرية الفلسفية العقلية وبين الدراسة الشرعية التي تعتمد على الأدلة الشرعية والبراهين النقلية من كتاب الله وسنة رسوله، كما وحرص فيه على اقتباس أقوال بعض العلماء المعاصرين الذين بلغوا الذروة في اختصاصاتهم المتعددة.