هذا الكتاب هو نتاج ندوة عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية بعنوان "الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها على أسواق المال والاقتصاد العربي" وذلك يوم السبت الموافق 8/11/2008م في عمان، وقد استمرت الندوة طوال يوم كامل، ونوقشت فيها أبحاث الزملاء المشاركين في ثلاث جلسات رئيسة إضافة إلى ...
قراءة الكل
هذا الكتاب هو نتاج ندوة عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية بعنوان "الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها على أسواق المال والاقتصاد العربي" وذلك يوم السبت الموافق 8/11/2008م في عمان، وقد استمرت الندوة طوال يوم كامل، ونوقشت فيها أبحاث الزملاء المشاركين في ثلاث جلسات رئيسة إضافة إلى جلستي الافتتاح والختام، وقدمت الندوة في نهايتها جملة من التوصيات مثلت أبرز ما رآه المشاركون فيها من تصورات وحلول وسياسات يمكن لها أن تسهم في بلورة تصورات متكاملة لحماية أسواق المال العربية والدولية من تكرار مذل هذه الأزمة، ناهيك عن الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.ويذكر أن ورقة العمل الرئيسة التي أعدها المركز وأقرتها لجنة علمية متخصصة قد أكدت على أن فكرة الندوة تتمحور حول دراسة تداعيات الأزمة المالية الدولية التي وقعت في 13/9/2008م في نيويورك والعالم، ونتائجها على الوطن العربي، وكيف يمكن تحقيق حماية أكثر لأسواق المال العربية والدولية، وأنها تهدف إلى التعرف على جذور الأزمة وأسبابها، وتشخيص الواقع الذي تشكل بعدها والتعرف على الآثار المترتبة على الأزمة عربياً وعالمياً، واستخلاص الدروس المستفادة لمنع تكرار حدوث الأزمة عربياً وتفادي آثارها، وتقديم تصورات لخطط عمل قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى للتعامل مع الأزمة المالية، وتحسين فرص الاستفادة عربياً من الواقع الجديد الناشئ عن الأزمة في مجالات أسواق المال والاستثمار والتجارة الدولية والعربية.ومن هنا يرى هذا الكتاب أن العالم يعيش كابوس الكارثة المالية الدولية في وول ستريت، وأن الكرة لا زالت تتدحرج، وأن هذه الأزمة تسببت بتراجع المؤشرات الاقتصادية الدولية، وتراجعت أعمال البورصات العالمية، وساد الارتباك أسواق المال ليغلق بعضها خوفا من الانهيار، ودخل العالم في أزمة مالية لن تترك أحدا إلا ويناله منها نصيب، خاصة أن الاقتصاد الأمريكي يشكل أكثر من 25-40% من الاقتصاد العالمي.بين الكتاب أسباب الأزمة الرئيسة؛ فقد حدثت هذه الأزمة المالية الحالية لأسباب متعددة، أهمها: خفض الفوائد للقروض السكنية عام 2000م في الولايات المتحدة، وبشكل مبالغ فيه، مما رفع سقف الاقتراض إلى أربعة أضعاف، وذلك بهدف تحسين أداء الاقتصاد، ثم باعت هذه الشركات قروضها لشركات الرهن العقاري التي دعمتها بسندات مدعمة بالرهونات العقارية، ما أدى إلى تعثر هذه القروض السكنية وتعثر السندات الصادرة بموجبها، وبين أيضا أن تغيير أسعار الفائدة بشكل لا يعكس الوضع الاقتصادي بما يسمى "استخدام الفائدة كمنشط"، وانتشار ثقافة الربح السريع، والانتقال إلى الرأسمالية المالية والتخلي عن الإنتاجية والخدمية، واعتماد الإقراض بالفائدة، وانتشار التوريق، والاعتماد على الدين العام بدل الضرائب، والتزايد في الإنفاق الحربي الأمريكي، والتحول من الاقتصاد الحقيقي إلى الاقتصاد المالي، وغياب رقابة البنوك المركزية على بنوك الاستثمار، وغياب الرقابة أو الإشراف الكافي على المؤسسات المالية الوسيطة، كل ذلك كان أسبابا فنية حقيقية أخرى وراء الأزمة المالية الحالية.ويؤكد الكتاب على أن الولايات المتحدة بتصرفاتها الاقتصادية من خلال الفصل بين الدولار والذهب، والسياسات المالية والاقتصادية التي تم تحريرها، سوف تحمّل دول العالم الأخطاء التي ترتكبها، إضافة إلى ما يمكن أن تتحمله نفسها، ولكن لديها مؤسسات متقدمة جدا تستطيع أن توجه السياسات الاقتصادية نحو تحقيق مصالح الدولة ومؤسسات القطاع الخاص وكذلك الأفراد الذين يستفيدون من مثل هذه السياسات.أما مستقبل الاقتصاد الرأسمالي فيعتمد على قدرة الدول على بلورة أسس ومعايير وضوابط تساعد هذا النظام على استمراره، وتعتمد قيادة الولايات المتحدة للعالم الاقتصادي على ما يمكن أن تفرضه الدول الأخرى المنافسة أو ذات القوة المالية الكبيرة.يذكر الكتاب تأثر النظام الاقتصادي والمالي العربي بالنظام الاقتصادي الدولي، وأن الفساد قد تغلغل في أحشاء النظام المالي الدولي، وخاصة في صندوق النقد والبنك الدولي، وأن معايير بازل-2 الدولية لا تعمل لصالح الدول العربية والإسلامية، وأن صندوق النقد الدولي في أدائه المتعلق بمؤشرات الإنذار المبكر للأزمات غير منصف للدول العربية. ولذا فإن هناك خطورة على الدول العربية، لأن مؤسساتها المالية تمثل جزءا من النظام المالي العالمي، وبذلك تتفاوت درجة تأثر كل دولة بحسب درجة الانفتاح الاقتصادي والمالي على العالم الخارجي. ويرى الكتاب أن المصارف الإسلامية بدت أقل تأثرا بالأزمة، وأن النظام المصرفي وسياسات المال والتجارة الإسلامية تحقق قدرا كبيرا من الحماية في مثل هذه الأزمات، لأنها تقوم على الاقتصاد الحقيقي والتجارة الحقيقية وليس على تجارة المال. ومن هنا بيّن الكتاب أن الشريعة الإسلامية التي جاءت بمنهج حياة متكامل في جميع جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية تستطيع أن تقدم حلولا جذرية ناجعة لهذه الأزمة.وفيما يتعلق بخطط الإنقاذ الأمريكية والعالمية لمواجهة تداعيات هذه الأزمة استعرض الكتاب خطط الإنقاذ التي تبنتها الحكومات المختلفة وخاصة موطن الأزمة: الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وبريطانيا، مبينا أن جميع خطط الإنقاذ التي عالجت هذا الموضوع والاجتماعات والمؤتمرات والندوات التي عقدت، واجتماعات الدول الصناعية والمؤسسات الدولية والبنك الدولي التي تدارست الخطط المستقبلية قدمت محاولات علاج آني للأزمة والتي لا يمكن لأحد التنبؤ بحدتها وعمقها وحجمها.انتهى الكتاب إلى أن نظاماً اقتصادياً هو الرأسمالية لم يعد النظام الأمثل، وأنّ انهيار الاشتراكية لم يكن سوى النذير لأفول الرأسمالية، وأن نظاماً ثالثاً بديلاً هو الحلّ، نظاما يضمن الحرية الاقتصادية للفرد، ويحافظ على شراكة المجتمع ككل. وفي حال عدم الأخذ بالنظام الإسلامي فالحد الأدنى الممكن للبشرية التعامل معه هو إصلاح النظام الرأسمالي الحالي، وأهم خطواته تفعيل الرقابة على مجمل مناحي الحياة الاقتصادية المالية والاستثمارية والتجارية، لأنّ غياب الرقابة يقود إلى توسيع الأزمة القائمة والإنذار بأزمات أخرى مستقبلا. ومن أجل ذلك خرج الكتاب بجملة من التوصيات الواردة في أوراق العمل المقدمة