لا أحد ينكر أهمية القراءة في المجتمعات المعاصرة، فهي من أهم نوافذ المعرفة الإنسانية التي يطل منها الفرد على الفكر الإنساني طولاً وعرضًا، وعمقًا واتساعًا، وهي أداته في التعرف والارتباط بالثقافات المعاصرة والغابرة، فهي لا تقف بالإنسان عند معرفة معاصريه ولا ثقافة عصره، ولكنها تعبر به آفاق الوجود الإنساني في ماضيه الحافل بالعبر والأ...
قراءة الكل
لا أحد ينكر أهمية القراءة في المجتمعات المعاصرة، فهي من أهم نوافذ المعرفة الإنسانية التي يطل منها الفرد على الفكر الإنساني طولاً وعرضًا، وعمقًا واتساعًا، وهي أداته في التعرف والارتباط بالثقافات المعاصرة والغابرة، فهي لا تقف بالإنسان عند معرفة معاصريه ولا ثقافة عصره، ولكنها تعبر به آفاق الوجود الإنساني في ماضيه الحافل بالعبر والأحداث، وفي حاضره المليء بالتغير في مختلف مجالات الحياة، بل وتشق به غمار المستقبل أملاً وإشراقًا وتطلعًا، وبها يستنشق الإنسان عبير الفن ينتجه الفنانون أدبًا يمس العاطفة، وشعرًا يخاطب الوجدان، وقصة تؤنس الفؤاد، وبها يلتقي الإنسان مع فكر الإنسان، كما أن القراءة لها تأثيرها في بناء شخصيته وتكوينه، فالإنسان صنع بيئته وصنع ثقافته، فقراءته تُكوِّنُ تفكيره، وتخلق لديه اتجاهات متنوعة، أو تعدل من هذه الاتجاهات، وتُوجِدُ عند القارئ الكثير من الميول أو تقضي عليها.وقد يظن ظانٌ أن القراءة عمليةٌ بسيطةٌ أو سهلةٌ يؤديها الفرد بشكل آلي أو نمطي، لكنَّ الواقع غير ذلك، فالقراءة عملية غاية في التعقيد وذلك لأنها تتضمن عمليتين مختلفتين متكاملتين في آن واحد، وهاتان العمليتان هما: عملية تحليل المادة المقروءة، وهذه العملية يقوم فيها القارئ بتحليل الرسالة القرائية، وذلك من خلال استقبال المادة القرائية ونقلها إلى المخ عبر العصب البصري، الذي يقوم بدوره بتحليل هذه الرسالة إلى كلمات، وجمل، بل وتحليل الكلمات الصعبة أو غير المألوفة له ؛ وذلك بتحديد جذرها اللغوي Root، وتحليل ما تتضمنه الكلمة من السوابق واللواحق ودلالة هذه السوابق واللواحق في تحديد المعنى اللغوي أو المعجمي للكلمة، وبعد أن يتم تحليل الرسالة اللغوية يقوم المخ بتركيب الرسالة مرة أخرى ؛ لفهم دلالتها، واستيعاب محتواها.فالقراءة وفق التصور السابق هي عملية فسيولوجية عقلية، تتمثل في تعرف المقروء وفهمه، والتفاعل معه، بل والمشاركة مع كاتب الموضوع أو الرسالة في بناء المعنى وتكوينه.والقراءة قبل أن تكون عملية فسيولوجية أو عملية عقلية هي عملية نفسية بالدرجة الأولى، حيث إنها ترتبط بالقدرة العامة لدى القارئ، واستعداده للقراءة، ودافعيته تجاه المادة المقروءة، وغرضه من قراءة مادة معينة دون غيرها، وميله إلى القراءة في بعض المجالات مثل: قراءة القصص، أو الأشعار، القراءة في تراجم الأعلام، قراءة موضوعات تاريخية أو سياسية...إلخ، علاوة على عمليات التفكير التي يمارسها القارئ قبل القراءة وفي أثنائها وبعدها.ان هذا الكتاب يتضمن سبعة فصول: تناول الأول منها طبيعة القراءة، حيث عرض الباحث للتطور التاريخي لمفهوم القراءة وأهميتها، ومفهومها، وطبيعة القراءة من خلال الدراسات والبحوث، ومراحل تطور القراءة عند الأطفال، ونماذج القراءة، ثم علاقة القراءة بفنون اللغة الأخرى، وأخيرًا أهداف تعليم القراءة، ويعد هذا الفصل تمهيدًا للفصول التالية للكتاب الحالي.وتناول الفصل الثاني العلاقة بين الذكاء والقراءة، حيث ركز الفصل على توضيح العلاقة بين الذكاء كقدرة عامة وبين القراءة، وعرض الفصل لأهمية اختبارات الذكاء المقننة، وأهم اختبارات الذكاء العالمية، وعلاقة الذكاء بالاستعداد القرائي، واختبارات الاستعداد القرائي المقننة.وتناول الفصل الثالث الاستعداد القرائي من حيث مفهومه، والعوامل المؤثرة فيه، ودور الآباء في تنميته، ومؤشرات الاستعداد القرائي، مع توضيح لملامح البرنامج التربوي لتنمية هذا الاستعداد، كما عرض هذا الفصل للعديد من الأنشطة الإثرائية لتنميته، وأخيرًا كيفية قياسه قياسًا موضوعيًا.أما الفصل الرابع فقد تناول الدافعية القرائية من حيث مفهومها وارتباطها بمفاهيم أخرى مثل: الدافع والحاجة والباعث، وتحديد خصائص الدوافع القرائية، والنظريات النفسية المفسرة لها، وأخيرًا كيفية قياس الدافعية نحو القراءة.ودار الفصل الخامس حول الكفاءة الذاتية والقراءة حيث عرض الفصل لمفهوم الكفاءة الذاتية، مع توضيح المصطلحات المرتبطة بها من تعريف المقصود بالذات، ومفهوم الذات، ومفهوم الذات الإيجابية، ومفهوم الذات السلبية، والثقة بالنفس، وتحقيق الذات، وصورة الذات، كما عرض كذلك للأساس العلمي للكفاءة الذاتية، وأخيرًا تناول الفصل لكيفية قياس الكفاءة الذاتية القرائية.وتناول الفصل السادس الميول القرائية من حيث مفهومها، والعوامل المؤثرة في تكوينها، ودور الوالدين والمعلمين في تنمية هذه الميول، وكيفية قياسها.وتناول الفصل السابع والأخير لمهارات ما وراء المعرفة والقراءة، حيث تناول الفصل تحديدًا لمفهوم ما وراء المعرفة، وأهميتها، ومهارات ما وراء المعرفة القرائية، وكيفية قياسها.