لقد تعرضنا في الجزء الأول من هذا الوسيط إلى النظرية العامة في نظامي الإفلاس والصعوبات والأهداف والمزايا والنقائص والعيوب ؛ وإلى مساطر الوقاية الداخلية والوقاية الخارجية ومساطر التسوية الودية في القسمين الأول والثاني، ولم يبق سوى القسم الثالث والرابع والخامس، وهي الأقسام الأكثر تعقيدا ودقة وأهمية، لكونها تأتي أولا بعد فشل مساطر ا...
قراءة الكل
لقد تعرضنا في الجزء الأول من هذا الوسيط إلى النظرية العامة في نظامي الإفلاس والصعوبات والأهداف والمزايا والنقائص والعيوب ؛ وإلى مساطر الوقاية الداخلية والوقاية الخارجية ومساطر التسوية الودية في القسمين الأول والثاني، ولم يبق سوى القسم الثالث والرابع والخامس، وهي الأقسام الأكثر تعقيدا ودقة وأهمية، لكونها تأتي أولا بعد فشل مساطر الوقاية ؛ وثانيا لأن المقاولة أصبحت بين الحياة والموت لعدم قدرتها على سداد ديونها المستحقة عند الحلول، أو لتقاعسها، لعجز أو غيره، عن أداء حتى الديون الناجمة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي أو التسوية الودية (المادة 560 من مدونة التجارة)، وثالثا لأن مساطر المعالجة، على خلاف مساطر الوقاية، تقود حتما إمّا إلى إنقاد المقاولة عن طريق استمرارية النشاط أو التفويت، وإمّا إلى دفنها عن طريق التصفية القضائية لفشل سائر حُقن ولقاح العلاج.ويعتبر بعض الفقه الفرنسي فعالية وآليات ميكانزمات "les mécanismes" مساطر الوقاية، على الرغم من أهميتها، ما زالت ضئيلة الفائدة نسبيا لحداثتها؛ ونضيف إلى ذلك أسباباً أخرى قد تعزز هذه المقولة أو النتيجة في الحال والمستقبل، كتشعب هذه المساطر تارة وغموض بعض إجراءاتها تارة أخرى، ولتباين مصالح الأطراف، وللطابع اللبيرالي أو مبدأ حرية الإدارة والتعاقد اللذين يهيمنان عليها، وصعوبة الوقوف على وقت أو زمن حلول هذه الصعوبات بالسرعة المناسبة، وآليات اكتشافها، وكيفية توفير المناخ الجيد والملائم للتعامل معها وفض مشاكلها وإشكالاتها، وصعوبة تأقلم أو إدراك بعض أعضاء الهيئة القضائية لمرامي وخبايا وأهداف هذه المساطر الوقائية من جهة ولوظيفتهم الجديدة من جهة أخرى، كلها أسباب قد تقود المقاولة، إن لم تتوفر الحكمة والكفاءة والإرادة الحسنة، إلى السقوط في فخ مساطر المعالجة التي حلت في ظل المدونة الجديدة لسنة 1996 محل قانون الإفلاس لسنة 1913...