إنسانيات # المسلمون وأوربا: التطور التاريخي لصورة الآخر

لقد سأل الراهب يوحنا باربنكايى نفسه، وهو يكتب تاريخاً مختصراً للعالم بعد خمسة عقود من بدء حركة الفتوح الإسلامية التى قضت فى غضون سنوات قليلة على الإمبراطورية الساسانية وانتزعت الشواطىء الشرقية والجنوبية للبحر المتوسط من الإمبراطورية البيزنطية. سأل وأجاب سأل السؤال المندهش وأجاب الإجابة المريحة: "لا يجوز لنا أن نفكر فى قدوم أبناء هاجر (المسلمين) على أنه أمر عادى، بل إنه نتيجة عمل الرب. فقد كان الرب قد أعدهم من قبل لتكريم النصارى... والآن عاد هؤلاء بأمر الرب، واستولوا على كلتى المملكتين (الفارسية والبيزنطية) كما هوا واضح، لا بالحرب والقتال، وإنما بأسلوب بسيط، مثل استخراج جمرة من النار، ودون استخدام أسلحة قتال أو أساليب بشرية. لقد وضع الرب النصر فى أيديهم بشكل يدل على أن ما حدث منهم يمكن أن يكون أمراً مقضياً... وإلا، فكيف يمكن لقوم عراة، يمتطون خيولهم دونما درع أو ترس، أن ينتصروا بدون العون الإلهى؟ لقد دعاهم الرب من أطراف العالم لكى يتم تدميره على أيديهم...".هكذا وجد الراهب النسطورى فى تسعينيات القرن السابع الميلادى الإجابة المريحة على دهشته التى اتخذت شكل السؤال؛ لقد كان الأمر برمته تدبيراً من الرب. ولكن السؤال الذى طرحه منذ أربعة عشر قرناً ما يزال يلح فى طلب الإجابة حتى الآن؛ لأسباب تتعلق بالحاضر، وتتصل بالمستقبل. فقد غيرت الفتوح الإسلامية وجه الدنيا، مرة وإلى الأبد. وما تزال آثار ما جرى فى تلك العقود القليلة من القرن السابع والنصف الأول من القرن الثامن الميلادى توجه حياة ملايين البشر فى عالم اليوم. ولا شك فى أن رؤية مسيحيى ذلك الزمان للإسلام وحركة الفتوح الإسلامية كانت أساس الرؤية المسيحية، الشرقية والغربية، للمسلمين على مدى القرون التالية. وربما يكون هذا ما يضفى على هذه الدراسة المشروعية العلمية الواجبة.