يرى الربيعي أن عمل الأصمعي في نوادره لم يكن مجرد مُلح نتسلى بها، ولكنه كان تدوينًا منهجيًا لأعراف وتقاليد ذات خصوصية، كما يرى أيضًا أن عمل الأصمعي هو ذاته الأنثروبولوجيا كما انتهجها الغرب من دراسته لمجتمعاتنا ومجتمعات أخرى، وأن التراث العظيم الذي جمعه الأصمعي كان يتضمن فكرة لم يتسنّ لنا إمعان النظر فيها، ومفادها أنه كان يقوم بأو...
قراءة الكل
يرى الربيعي أن عمل الأصمعي في نوادره لم يكن مجرد مُلح نتسلى بها، ولكنه كان تدوينًا منهجيًا لأعراف وتقاليد ذات خصوصية، كما يرى أيضًا أن عمل الأصمعي هو ذاته الأنثروبولوجيا كما انتهجها الغرب من دراسته لمجتمعاتنا ومجتمعات أخرى، وأن التراث العظيم الذي جمعه الأصمعي كان يتضمن فكرة لم يتسنّ لنا إمعان النظر فيها، ومفادها أنه كان يقوم بأول عمل أنثروبولوجي ميداني في تاريخ العرب والإنسانية جمعاء.ويرى الربيعي في تجواب الأصمعي البوادي والقفار والمدن والمضارب التي تعيش في أطراف الأمصار أول عمل أنثروبولوجي ميداني تقوم به الدولة العربية الإسلامية في العصر العباسي..ويدلل على صحة ما ذهب إليه، فيبين أن التجربة الأوربية لعلماء الأنثروبولوجيا في الشرق العربي وفي مجتمعات القبائل البدائية في إفريقية وسواها كانت تتجسد في دراسة المجتمعات المحلية من خلال عمل ميداني يساعد في جمع كل المواد الضرورية عن أنماط الحياة العامة (الزواج، الطبخ، الحكايات، العادات...)، وأن هذا العمل مكن أجيالا من العلماء والباحثين في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من فهم هذه المجتمعات ورسم إطار مناسب للتعامل معها.. ويؤكد الربيعي أن هذا النوع من العمل هو ذاته الذي قام به الأصمعي في العصر العباسي 740 – 831 م، أي قبل أكثر من ألف ومائتي عام من التجربة الأوربية.