لقد غامرت بإعداد هذا الكتاب بسبب حادث حصل لي، فعندما كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء قال لي: كنت أشرح لابني درسه في العلوم وورد في الدرس أسماء مجموعة من العلماء الغربيين، فسألني ابني: قل لي يا أبي لماذا لا يوجد عالم عربي واحد من بين هؤلاء؟ فشعرت بحزن شديد وقلت له إن أجدادنا العظام كانوا رواداً في كثير من العلوم، وهم الذين ارسوا قواعد ...
قراءة الكل
لقد غامرت بإعداد هذا الكتاب بسبب حادث حصل لي، فعندما كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء قال لي: كنت أشرح لابني درسه في العلوم وورد في الدرس أسماء مجموعة من العلماء الغربيين، فسألني ابني: قل لي يا أبي لماذا لا يوجد عالم عربي واحد من بين هؤلاء؟ فشعرت بحزن شديد وقلت له إن أجدادنا العظام كانوا رواداً في كثير من العلوم، وهم الذين ارسوا قواعد العلم ولولا اكتشافاتهم ما وصلت الحضارة الحديثة إلى ما وصلت إليه، والكثير من علماء الغرب الذين نقرأ عنهم ونجلّهم هم مجرد أدعياء سرقوا اكتشافات العرب واختراعاتهم ونسبوها لأنفسهم في عصور الهزائم التي أصابت العرب.والذي زاد من حزني أنك إذا سألت أي شاب عربي عن إنجازات علماء العرب والمسلمين سيقول لك أنه سمع أن لهم إنجازات كبيرة ولكن لو طلبت منه أن يذكر لك إنجازاً واحداً من إنجازاتهم فأغلب الظن أنه سيعجز، مع أن المكتبات مليئة بالكتب التي تتحدث عن هؤلاء العلماء لكن شعبنا غير قارئ، ولا يوجد كتاب مختصر وشامل في هذا المجال وإنما كتب متخصصة وموسوعات.وصدقاً أنني عندما كنت طالباً في المدرسة وكنت اسمع عن هؤلاء العلماء كنت أظن أن إنجازاتهم متخلفة وبسيطة ولا تقارن بالعلوم العصرية حتى اكتشفت كم كنت ظالماً لهم.وأثناء إعداد هذا الكتاب كنت أتحدث مع بعض المثقفين من معلمين وإعلاميين وغيرهم فوجدت أن أكثرهم لديهم نفس الفكرة السيئة عن علماء العرب، بل إن بعض المضبوعين من أبناء أمتنا يقول إن جميع العلماء المسلمين ليسوا عرباً فلا يمكن للعرب أن يكون منهم علماء، ويقول أحد الغربيين المنصفين: إن الحضارة العربية الإسلامية كانت ستصل في تلك الأيام إلى ما وصلت إليه الحضارة الغربية في هذه الأيام لولا هجمة المغول والصليبيين وإهمال بعض الحكام.وقد يسأل سائل لماذا علماء العرب، وأين علماء المسلمين، وأقول إن العلماء الذين ذكروا في هذا الكتاب أربع فئات:علماء (عرب ومسلمين).علماء مسلمين من غير العرب.علماء عرب وليسوا مسلمين.علماء ليسوا عرب وليسوا مسلمين ولكن عاشوا في ظل الحضارة العربية الإسلامية.ولكن لا ينكر عاقل أن الفضل في ظهور هؤلاء العلماء يرجع إلى الحضارة التي رعتهم ووفرت لهم الرعاية الكاملة، واضرب مثالاً من الواقع المعاصر.هل الفضل في أنجازات العالم العربي فاروق الباز يرجع لبلده مصر أم لأمريكا التي رعته ووفرت له الإمكانات التي يحتاجها؟المنصف يقول الفضل يرجع لأمريكل لأنه لو بقي في مصر لما حقق شيئاً، ونفس الشيء يقال عن احمد زويل الحائز على جائزة نوبل.وفي هذه الأيام لا نجد أي عالم في بلادنا العربية لأنهم لا يجدون الرعاية ويهاجرون إلى الغرب، ومن بقي منهم في بلادنا يبقى مغموراً ويموت في حسرته، ويبقى البحث العلمي في بلادنا جهود أفراد تذهب هباء بعد موتهم وليس عمل مؤسسي تستفيد منه الأجيال اللاحقة.يقول صديقي السيد خالد محمد حمد في متابه (العرب- الحرب على العرب) لقد سُرقت جميع الحقوق العربية في جميع المجالات سلبوها في الغرب وأدعوها لأنفسهم، وما تزال ألاف المخطوطات منتشرة في المكتبات في مختلف أنحاء العالم، ويذكر أنه في مدينة (ارنهاين Arnhijin) الهولندية وحدهايوجد أكثر من خمسة وعشريــن ألــف كتاب عربي تم الاستيـــلاء عليهـــا مـنالأندلس وهذه الكتب ظلت محتجزة في أقبية تحـت الأرض سنين طويلة والآنيعملون على إخراجها تباعاً وترجمتها من اللغة العربية إلى اللغات الأوروبية مع إنكار الأصل العربي، ومن الذي سيمنع، ومن الذي سيدافع عن الحقوق العربية ومن الذي سيعيد الحق إلى أصحابه، لقد كان الأوروبيين يتعلمون في جامعات المسلمين في الأندلس مجاناً لأن العلم في الإسلام محرم احتكاره، أما الآن فسرية المعلومات أكثر ما يهتمون به ولا يعطونا إلا القليل لنبقى أتباعاً لهم.وأخيراً أقول لقارئ كتابي هذا أن هذا الكتاب يشير فقط إلى بعض اكتشافات واختراعات العرب التي نسبها الغربيين لأنفسهم ولا يذكر قصّة حياة هؤلاء العلماء بالتفصيل، وأنصح القارئ بالرجوع إلى الكتب المتخصصة في هذا المجال لمعرفة المزيد عن عظماءنا.وفي الختام أقول أتمنى أن يكون هذا الكتاب خطوة صغيرة لإنصاف علماءنا العظام وأن يكون حافزاً لأبنائنا للنهوض بهذه الأمة لتعود إلى سابق مجدها، واشكر الله وأحمده على توفيقه لي في إكمال هذا الكتاب.