تشكل الطفولة المنطقة الجيولوجية الأعمق في نسيج الوجود الإنساني، وفي هذا العمق الاستراتيجي تكمن نفائس الأمم وذخائرها الإنسانية، وتأسيساً على هذه الحقيقة فإن كل بداية حضارية أو نهضوية لا تبدأ من هذا العمق هي بداية سطحية وعابرة ومؤقتة ولن تؤتى أكلها أبداً، لأن الطفولة تشكل الطبقة الأعمق في حياة الفرد منفرداً، في حياة الكيان المجتمع...
قراءة الكل
تشكل الطفولة المنطقة الجيولوجية الأعمق في نسيج الوجود الإنساني، وفي هذا العمق الاستراتيجي تكمن نفائس الأمم وذخائرها الإنسانية، وتأسيساً على هذه الحقيقة فإن كل بداية حضارية أو نهضوية لا تبدأ من هذا العمق هي بداية سطحية وعابرة ومؤقتة ولن تؤتى أكلها أبداً، لأن الطفولة تشكل الطبقة الأعمق في حياة الفرد منفرداً، في حياة الكيان المجتمعي حيث يتحد الأفراد. والتربية العربية تعاني اليوم من هيمنة أسطورية لمفاهيم وتصورات تقليدية صدّأها الزمان وخددتها الأيام وغلبتها الأوهام، وفي مواجهة هذا التحدي الكبير يترتب على المربين العمل على اقتلاع كل الأعشاب الضارة وخضراء الدمن التي نبتت في أرض التربية العربية. لأنه في التربية الحديثة حكمة تقول: كل ما لا يحيي يميت، وكل ما لا يبني يهدم، وكل ما لا يجدد يجمّد. ومن أجل تربية تبني وتجدد يتوجب علينا جميعاً أن نعمل على بناء وعي تربوي علمي أصيل ينطلق من مبدأ قوامه: ان إصلاح المجتمع لا يكون إلا بإصلاح الإنسان، وإصلاح الإنسان لا يكون إلا بإصلاح الطفولة، لأن الطفولة تشكل المبتدأ والخبر في كل عملية تربوية تسعى الى تحقيق الإصلاح في التربية والمجتمع. وإننا نأمل لهذه المحاولة العلمية عبر هذا الكتاب أن نأخذ بأيدي المربين الى ذروة وعيهم التربوي بأهمية الطفولة انطلاقاً من الإيمان بأن التربية العلمية في مرحلة الطفولة هي وحدها منطلق النهوض الحضاري الشامل في المجتمع.