الحمد لله رب العالمين، القائل عز وجل: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، القائل صلى الله عليه وسلم: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه"، ومن اتبع هداهم إلى يوم الدين، والعاقبة للمتقين، أما بعد: فإن التفقه في الشريعة بصفة عامة، وفي مجال الحقوق و...
قراءة الكل
الحمد لله رب العالمين، القائل عز وجل: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، القائل صلى الله عليه وسلم: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه"، ومن اتبع هداهم إلى يوم الدين، والعاقبة للمتقين، أما بعد: فإن التفقه في الشريعة بصفة عامة، وفي مجال الحقوق والالتزامات، و المعاملات المالية والمصرفية والتجارية على وجه الخصوص، من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه ميزان العمل، حلاً وحرمة وفعلاً وتركاً وصحة وفساداً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين." فهذه هي الطبعة الثانية مزيدة ومنقحة، وفق آخر التعديلات التشريعية، من كتابنا:" أحكام الالتزام في ضوء الشريعة الإسلامية والأنطمة السعودية"، بعد أن نفذت بسرعة الطبعة الأولى الصادرة منه عام 2012م؛ وهي في أساسها خلاصة منظمة للمحاضرات التي ألقيتها على طلاب مادة "أحكام الالتزام"، بكلية الحقوق الجديدة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، خلال الفصل الأول من العام الجامعي 1434/1435هـ (2013/2014)، وذلك حسب البرنامج الرسمي ومحتويات المادة المقررة. وقد تابعت منهجي الذي سلكته منذ الطبعة الأولى من هذا الكتاب، بالتركيز على مبادئ الفقه الإسلامي من أصوله، ونصوص الأنظمة السعودية المختلفة، بالشرح والتحليل والمناقشة، بعيداً عن الخلافات المذهبية والتفريعات الجزئية والتفاصيل الثانوية، لتمكين الطالب من فهم الأساسيات الجوهرية، واستيعاب القوانين واللوائح التي ينتمي إليها بكل يسر. وبالإضافة إلى ذلك، فإنني حرصت أن تكون هذه الطبعة الجديدة على سبيل الدراسة المقارنة في قليل أو كثير، لما في ذلك من عظيم الفائدة العلمية، لأنه بالمقارنة يتضح المقال؛ انطلاقاً من نصوص بعض القوانين المدنية العربية، وكذا القانون المدني الفرنسي أحياناً، وما خلص إليه فقهاء الشريعة الإسلامية الغراء في هذه المسائل في العصر الحالي، بما يتناسب مع المرحلة الجامعية. ونظراً للأهمية البالغة للاجتهادات القضائية الجاري بها العمل في ساحات المحاكم العليا، فإنني رأيت عدم الفصل بين الجانب النظري والتطبيقي، بأن تكون هذه الدراسة حافلة بالاجتهادات القضائية المشهورة، وخاصة الحديثة منها؛ كلما كان ذلك ممكناً، إتماماً للفائدة العلمية المرجوة؛ وكذلك لتقريب الفهم لأذهان الطلاب، لمساعدتهم على اكتساب ملكة التأمل والاستنباط القانونيين، والإلمام بكل سهولة بالقواعد العامة التي تحكم أحكام الالتزامات في جميع صورها. وأدعو الله تبارك وتعالى، أن يحوز هذا الكتاب رضا المشتغلين بالقانون المدني، من باحثين وقضاة ومحامين وطلاب العلم بالجامعات السعودية والعربية؛ والله سبحانه الموفق، ومن يتوكل عليه فهو حسبه.