عندما يكتب يوسف للمسرح فإنما يطاوع إحساسه العميق بحقيقة التيارات الفنية والثقافية التى تساهم فى تشكيل بلادنا من جديد. إنه يكتب للمسرح لأن هذا الفن أصبح أقوى أدوات التعبير فى هذه البلاد, وهذا أصبح كذلك لأن الجماهير تتطلع اليوم فى قدر متزايد من الشغف والتحفز إلى من يستطيع أن يخاطبها مباشرة, وبلا وسيط, فى إجتماع عام له طبيعة الاج...
قراءة الكل
عندما يكتب يوسف للمسرح فإنما يطاوع إحساسه العميق بحقيقة التيارات الفنية والثقافية التى تساهم فى تشكيل بلادنا من جديد. إنه يكتب للمسرح لأن هذا الفن أصبح أقوى أدوات التعبير فى هذه البلاد, وهذا أصبح كذلك لأن الجماهير تتطلع اليوم فى قدر متزايد من الشغف والتحفز إلى من يستطيع أن يخاطبها مباشرة, وبلا وسيط, فى إجتماع عام له طبيعة الاجتماع السياسى, عن قضاياها.. كل قضاياها: السياسية والاجتماعية والاقتصادية والروحية والفنية. فيوسف إذن يخطو خطوة طبيعية إذ يتجه بقلمه وفكره وشخصه الطيب الى أبواب المسرح, يرهف السمع أولا, ويدقق النظر, ثم يغامر بالدخول.
وقد وضع يوسف قدما أولى على سلم المسرح حينما كتب قصة "جمهورية فرحات" الذى يقارن هذه القصة بالذات بباقى قصص الفنان سرعان مايخرج من المقارنة بحقائق معينة كلها تشير إلى اشتغال لا واعية الكاتب بلون من ألوان الكتابة المسرحية.
ففى هذه القصة يطغى الحوار على السرد طغيانا واضحا حتى ليبلغ الإحدى عشرة صفحة من صفحات القصة الثمانى عشرة وإلى جواز هذا, يستخدم الحوار كوسيلة الفنان الأساسية لإيصال مادته إلى القراء.
إلى جوار هذا نجد قصة "جمهورية فرحات" مليئة بالحركة المادية: أناس يدخلون ويخرجون يلقون بهمومهم ومشاكلهم أمام الصول العجوز, وهو قابع وراء مكتبه, يدون شيئا من أقوالهم, ويعطيهم من أقواله هو أكثر مما يدون. وهذا اللون من ألوان الحركة يناسب الصفة المسرحية كل المناسبة, فهو مطابق للنموذج المسرحى الذى يحد الحركة-بصفة عامة- ويهدئ من سرعتها, ويركزها فى مكان واحد.