يحدِّد الدكتور المسيري مفهوم الجماعة الوظيفية بأنها جماعة يستوردها المجتمع من خارجه أو يجنِّدها من داخله، تُعرَّف في ضوء وظيفتها، لا في ضوء إنسانيتها الكاملة، ويَكِل المجتمع إليها وظائفَ لا يضطلع بها عادةً أعضاءُ المجتمع، إما لأنها مُشينة (البغاء ـ الربا)، أو متميِّزة وتتطلب خبرة خاصة (الطب والترجمة)، أو أمنية وعسكرية (الخِصْيان...
قراءة الكل
يحدِّد الدكتور المسيري مفهوم الجماعة الوظيفية بأنها جماعة يستوردها المجتمع من خارجه أو يجنِّدها من داخله، تُعرَّف في ضوء وظيفتها، لا في ضوء إنسانيتها الكاملة، ويَكِل المجتمع إليها وظائفَ لا يضطلع بها عادةً أعضاءُ المجتمع، إما لأنها مُشينة (البغاء ـ الربا)، أو متميِّزة وتتطلب خبرة خاصة (الطب والترجمة)، أو أمنية وعسكرية (الخِصْيان ـ المماليك)، أو لأنها تتطلب الحياد الكامل (التجارة وجمع الضرائب). ويتسم أعضاء الجماعة الوظيفية بالحياد، وبأن علاقتهم بالمجتمع علاقة نفعية تعاقدية، وهم عادةً عناصرُ حركية لا ارتباطَ لها ولا انتماء، تعيش على هامش المجتمع في حالة اغتراب، ويقوم المجتمع بعزلها عنه ليحتفظ بمتانة نسيجه المجتمعي. وأعضاء الجماعة الوظيفية عادةً من حَمَلة الفكر الحلولي والعلماني الشامل.
وقد استخدم الدكتور المسيري هذا النموذج في تحليل تاريخ الجماعات اليهودية ووضعها وانتماءاتها الثقافية. كما درس الدولة الصهيونية باعتبارها دولةً وظيفيةً، استيطانيةً إحلالية. ورغم أن هذا الكتاب يتناول الجماعات الوظيفية اليهودية بوجهٍ خاصٍّ من التركيز، إلا أنه ـ مع ذلك ـ يقدم مفهوم «الجماعة الوظيفية» باعتباره أداةً تحليلية أكثرَ تفسيريةً وتركيبيةً من مفهوم «الطبقة» التقليدي.