القصر الكبير يبدو تحت جنح الظلام وكأنه قلعةحصينة، والصمت الرهيب يسود أرجاءه الفسيحة، فلا يكاد المرء يسمع صدى لحركة أو صوت، والأضواء الخافتة التي تنبثق في أبهائه وحجراته توحي بالجمود والملل، والخدم لا يتكلمون إلا في همس لا يكاد يسمع، والخطوات الوجلة، التي تنتقل في خوف وحذر، تتابع مرتجفة واصفة، والستائر الثمينة المسدلة فوق النوافذ...
قراءة الكل
القصر الكبير يبدو تحت جنح الظلام وكأنه قلعةحصينة، والصمت الرهيب يسود أرجاءه الفسيحة، فلا يكاد المرء يسمع صدى لحركة أو صوت، والأضواء الخافتة التي تنبثق في أبهائه وحجراته توحي بالجمود والملل، والخدم لا يتكلمون إلا في همس لا يكاد يسمع، والخطوات الوجلة، التي تنتقل في خوف وحذر، تتابع مرتجفة واصفة، والستائر الثمينة المسدلة فوق النوافذ والأبواب والشرفات تنبئ عن ثراء وعزّ وترفع، وتحيط جوّ القصر بالغموض والأسرار.
وخلف القصر امتدت حديقة كبيرة مليئة بأشجار المانغو والجوافة والعنب والموالح، يسورها سور من الأسلاك الشائكة، يحرسه الرجال والكلاب والاسم الكبير... اسم صاحب القصر "عثمان باشا" الريح تصفر في في الخارج وكأنها غضبة الطبيعة، والقمر يختفي خلف قوافل السحب التي تزحم السماء. والبرد قارس يجمد الأطراف، وثلاثة رجال يزحفون نحو باب القصر الكبير على هيئة مثلث رأسه إلى الأمام ويمثل ناظر العزبة، وعلى يساره ويمينه خفيران يتبعانه كظله، وقد علقا في كتفيهما بندقيتين طويلتين... والثلاثة يسرعون في خطواهم قلقين خائفين، والناظر بتحتم في إشقاق: "يا سابل سترك يا ربي".