لقد أعتاد المفكِّرون في فرنسا مؤخراً على تقديم أفكارهم ونظرياتهم الأكاديمية الصعبة بلغة سهلة ميَّسرة عن طريق كتب الحوارات والمقابلات، وشاعت هذه الكتب حتى أصبحت موضة دارجة تقريباً في أوروبا.
وهذا ما يفعله محمد أركون هنا مع بعض الصحفيين الفرنسيين الذين توجَّهوا إليه بالأسئلة المتلاحقة لكي يفهموا حقائق الإسلام بعد أن أصبح هذا الدي...
قراءة الكل
لقد أعتاد المفكِّرون في فرنسا مؤخراً على تقديم أفكارهم ونظرياتهم الأكاديمية الصعبة بلغة سهلة ميَّسرة عن طريق كتب الحوارات والمقابلات، وشاعت هذه الكتب حتى أصبحت موضة دارجة تقريباً في أوروبا.
وهذا ما يفعله محمد أركون هنا مع بعض الصحفيين الفرنسيين الذين توجَّهوا إليه بالأسئلة المتلاحقة لكي يفهموا حقائق الإسلام بعد أن أصبح هذا الدين يشغل بال العالم كله، ومعلوم أن كتب الحوارات تكون مشوقة للقارئ أكثر نظراً للدينامية الحيوية للفكر الناتجة عن عملية الحوار بين الأسئلة والأجوبة.
فعل مدار هذا الكتاب يحاول أركون تبديد الأفكار الشائعة في الغرب عن الدين الإسلامي، ولكنه على عادته يتحاشى الطريقة التيجيلية التقليدية المعروفة ويتبع طريقة النقد التاريخي والصراحة العلمية والتفكيك الفلسفي، وبالتالي فعلى مدار عشرين سؤالاً وجواباً، يقدم لنا صاحب نقد العقل الإسلامي التقليدي آراءه المبتكرة عن سبب أنعدام المعرفة العلمية عن الإسلام، وعن المعنى التاريخي لكلمة إسلام ومسلمين، وعن علاقة الإسلام بالعلمانية قبولاً أو رفضاً، وعن مدى إختلافه عن المسيحية بهذا الشأن، وعن معنى كلمة وحي وقرآن كريم، وعن جوهر رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعن مكانة المرأة في الإسلام، وعن علاقة الإسلام بالسياسة، وعن علاقته بالمسيحية واليهودية، وعن مكانة الفلسفة في أرض الإسلام... إلخ.
هذا وقد استلهم أركون عنوانه للطبعة العربية لكتابة هذا من كتاب التوحيدي ومسكويه، "الهوامل والشوامل"، لكي يدل على أنه من سلالة أولئك المفكرين الأفذاذ الذين ظهروا في العصر الذهبي من عمر الحضارة العربية الإسلامية.
إنه يواصل عملية التنوير الفكري على هديهم مع إضافة تنوير الحداثة الأوروبية بالطبع والذي يُعتبر إمتداداً لهم، فنحن الذين نقلنا مشعل الحضارة إلى أوروبا ذات يوم إنطلاقاً من دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة.
