تكمن أهمية مجلس الإدارة في الشركة المساهمة فيما له من تأثير كبير على الشركة وعلى مدى نجاحها أو فشلها وذلك نظراً للسلطات الواسعة التي يتمتع بها في إدارة الشركة، وأهمية مركزه تأتي من أهمية الشركة التي يتولى إدارتها، والدور الذي تلعبه في التنمية والاقتصاد الوطني على الصعيد القومي، ولما تمثله الشركة من أهمية ذاتية تتعلق بمصالح المسا...
قراءة الكل
تكمن أهمية مجلس الإدارة في الشركة المساهمة فيما له من تأثير كبير على الشركة وعلى مدى نجاحها أو فشلها وذلك نظراً للسلطات الواسعة التي يتمتع بها في إدارة الشركة، وأهمية مركزه تأتي من أهمية الشركة التي يتولى إدارتها، والدور الذي تلعبه في التنمية والاقتصاد الوطني على الصعيد القومي، ولما تمثله الشركة من أهمية ذاتية تتعلق بمصالح المساهمين والذين يعدون بالآلاف والغير الذين يتعاملون معها، وما يضاف إلى ذلك من قوة الموقع الذي يشغله رئيس مجلس الإدارة من الناحيتين الواقعية والقانونية، فهو وإن كان قابلاً للعزل من قبل مجلس الإدارة إلا أنه كما قال العميد ريبير يتمتع في الواقع بوضع متفوق ويميل المجلس لمنحه ثقة واسعة، للتصديق على القرارات التي يتخذها حتى باتت الشركة مجسدة برئيسها كما قال هوين، فضلاً عن كون الرئيس المدير العام وفقاً لباستيان هو الذي يحرك الشركة وله اليد الطولى على كل نشاطها التجاري والصناعي.ولم تأت أهمية مجلس الإدارة من فراغ، بل جاءت ضمن حالة من التطور التدريجي إلى أن وصلت إلى هذا المركز القانوني، حيث تدخل المشترع لتنظيم هذا المركز الحساس من حيث تعيين أعضائه وما يلزم من شروط، لهذا التعيين كما تدخل في تنظيم سلطاته وصلاحياته، إضافة إلى انتهاء صلته بالشركة بفقد العضوية أو بالعزل أو الاستقالة. وأخيراً تنظيم مسؤوليته بكافة فروعها المدنية والجزائية.ونظراً لضآلة الدراسات المتخصصة في هذا الشأن في الساحة الخليجية عامة والسعودية منها خاصة. إذ لا يوجد إلا النزر اليسير من هذه الدراسات. فقد اعتنى "صادق محمد جبران" بوضع دراسة التي بين أيدينا والتي تتميز بالآتي: أولاً: انتهجت المنهج المقارن بين قوانين مجموعة من الدول العربي، ومن بينها قوانين الشركات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تعيش تقريباً المناخ ذاته والأرضية الاقتصادية ذاتها، إضافة إلى كونها تقع ضمن نسق إقليمي واحد يحاول أن يرتقي بالعمل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي فيه إلى أعلى درجات التنسيق وكما اختار عينة أخرى من القوانين المقارنة، وهي: قانون التجارة اللبناني، قانون التجارة السوري، قانون الشركات المصري، قانون الشركات لعراقي، وقانون الشركات الأردني، وذلك لما تتميز به هذه القوانين من غنى تشريعي نتيجة لتطور المؤسسات التشريعية فيها، ولما اضطلع به الفقه والاجتهاد من دور كبير في هذا التطور التشريعي. إضافة إلى كون هذه القوانين في جملتها ترجع إلى أصول تشريعية واحدة تقريباً.ثانياً: المقارنة الشاملة التي حاولت أن تصل إلى أوجه الاتفاق والاختلاف بين القوانين المقارنة والفقه المقارن أيضاً، ذلك أن الدراسات الأخرى التي حاولت أن تعتمد المنهج المقارن اقتصرت المقارنة فيها على جانب دون آخر، ودون الخوض بعمق في تفاصيل القوانين المقارنة، الأمر الذي جعلها غير قادرة على تلبية حاجات الدارسين أو الباحثين بصورة كافية.ثالثاً: المزج التطبيقي بين النصوص القانونية وآراء الفقهاء من جهة، والواقع العملي القائم للشركات المساهمة السعودية، وذلك من خلال تطبيق تلك النصوص والآراء على الأنظمة الأساسية لمجموعة مختلفة من الشركات المساهمة السعودية التي تقع في مناطق مختلفة من المملكة، إضافة إلى رؤية الحية للنص القانوني عبر التطبيق الاجتهادي المقارن ه في بعض الدول العربية.رابعاً: محاولة الاستفادة من فن المعلوماتية في هذه الدراسة عبر تنظيم مجموعة من الجداول التي تساعد على قراءتها دون عناء البحث في مراجعها الأصلية، إضافة إلى تمكن من المقارنة والاستنتاج على ضوئها.هذا ولم تكتفي هذه الدراسة بنصوص قانون الشركات في أغلب البلدان التي أخذ قانونها مجالاً للمقارنة بل حاولت ملاحقة تطور النص التشريعي لجهة القوانين الأخرى المكملة له خاصةً في المسائل التي لم يتعرض لها قانون الشركات، ولذا زاد عدد القوانين المقارنة التي تم الاستفادة من نصوصها على خمسين نصاً قانونياً. ويرجع السبب في هذا إلى أن النصوص القانونية تشكل منظومة يتمم بعضها بعضاً.وليأتي دراسة كاملة قسم المؤلف دراسته إلى فصلين ومقدمة وتمهيد وخاتمة. تناول في المقدمة نبذة عن الشركة المساهمة وتاريخ نشوئها والأحكام التي تميزها عن غيرها من الشركات، إضافة إلى التطور التشريعي الذي رافقها ليصل مجلس إدارتها تشريعياً إلى ما هو عليه اليوم.وتناول في الفصل الأول تكوين المجلس وشروط عضويته فبحثت تكوين مجلس الإدارة لجهة مبدأ ارتباط ملكية أسهم الشركة بإدارتها والاستثناءات على هذا المبدأ، وعدد أعضاء المجلس، ومدى عضويته وكيفية انتخاب أعضائه، والشغور في عضويته، وتمثيل الأشخاص المعنويين فيه. ثم بحث اجتماعات المجلس، لجهة الدعوى للاجتماع ومكانه، وعدد الاجتماعات والنصاب القانونية لها والأغلبية اللازمة لقرارات المجلس، والنيابة لحضور جلساته، ومحضر الجلسات.وبحثت أيضاً شروط العضوية ضمن مطالب ستة شملت ملكية العضو لعدد من الأسهم، وعدم تعارض العضوية مع الوظيفة، وقيد العضوية في عدد محدد من الشركات، والأهلية، وشرط الجنسية الوطنية، وأخيراً شرط النزاهة، كما تناول بالبحث مكافأة أعضاء مجلس الإدارة.وفي المبحث الخامس من الفصل الأول تناول عزل أعضاء المجلس واستقالتهم والتي تتم إما بفقد العضوية، أو الإقالة، أو الاستقالة من عضوية المجلس. وخصص المبحث السادس من الفصل الأول، لمركز رئيس مجلس الإدارة، متناولاً فيه تعيينه والشروط الخاصة بذلك، ومدة توليه لوظيفته وأسباب انتهائها والأشخاص الذين يعاونون الرئيس في أداء مهامه.وتناول في الفصل الثاني سلطات مجلس الإدارة وواجباته ومسؤوليته، مفصلاً القول في سلطات المجلس وواجباته الإيجابية والسلبية ثم سلطات وصلاحيات رئيس مجلس الإدارة. ومسؤولية أعضاء المجلس لجهة مسؤوليتهم المدنية تجاه الشركة والمساهمين أو الغير، ومسؤوليتهم حال تصفية الشركة وظهور العجز في موجوداتها إضافة إلى المسؤولية الجنائية، ومن ثم مجلس الإدارة، والدعوى الفردية التي يرفعها المساهم، ثم دعوى الغير، وبحث أيضاً في المحكمة المختصة للنظر في دعوى المسؤولية وأخيراً تقادم دعوى المسؤولية.كما تناول في الخاتمة الاستنتاجات من نقاط الالتقاء والاختلاف بين نظام الشركات السعودي والقوانين المقارنة التي توصل لها من خلال البحث، والانتقادات الموجهة للنص القانوني السعودي التي تبين موقع الخلل والفراغ التشريعي فيه والمقترحات لسد هذا الفراغ.