إن الإيمان بالمعاد يعد أهم أصول العقيدة الإسلامية وأركانها الأساسية الثابتة في القرآن الكريم والسنة المطهرة. فضلاً عن دلالة العقل السليم على ثبوت حقيقة المعاد وحتمية الحياة الآخرة. ومن قبل إتفقت الشرائع السماوية جمعاء على تأصيل هذا المبدأ العقائدي، وتحمّل الأنبياء والرسل، في مختلف مراحل التاريخ المتاعب الجمة والتحديات الكثيرة عل...
قراءة الكل
إن الإيمان بالمعاد يعد أهم أصول العقيدة الإسلامية وأركانها الأساسية الثابتة في القرآن الكريم والسنة المطهرة. فضلاً عن دلالة العقل السليم على ثبوت حقيقة المعاد وحتمية الحياة الآخرة. ومن قبل إتفقت الشرائع السماوية جمعاء على تأصيل هذا المبدأ العقائدي، وتحمّل الأنبياء والرسل، في مختلف مراحل التاريخ المتاعب الجمة والتحديات الكثيرة على طريق ترسيخيه في نفوس أقوامهم. من هنا فإن التفكر في خلق السماوات والأرض وخلق هذا الكون الفسيح ونظامه الكامل المنسجم يقودنا إلى الإيمان بالقدرة العظيمة لبديع السماوات والأرض على إحداث النشأة الثانية، كما أحدث النشأة الأولى من العدم، لأن من قدر على الإبتداء فهو على الإعادة أقدر. وعليه فالموت ذلك القادم الذي سيحل بنا وشيكاً كما حلّ بمن قبلنا، ليس هو العدم والفناء ونهاية قصة خلق الإنسان خليفة الله المكلف بالعبودية والطاعة لله وحده لا شريك له، وإقامة عناصر الخير ومبدئ الحق في الأرض، بل هو عقيدة الإسلام مرحلة أولية من مراحل عالم الآخرة عالم الخلود والبقاء، عالم الجنة والنار، حيث الناس هناك باقون رهائن أعمالهم، فإما نعيم دائم أو عذاب مقيم. إنه العالم الذي يتجلى فيه عدل الله تعالى وصدق وعده ووعيده. فذاك عالم الجزاء على ما كان في هذا العالم، عالم الإبتلاء. من أجل ذلك وجب أن تكون العقيدة واضحة وضوح الشمس وجلية جلاء البدر لا أثر للغموض فيه أبداً. إن الهدف الذي يرمي إليه الإسلام هدف بعيد شديد الأهمية، ألا وهو محاولة دمج الرابط الديني مع الرابط العقلي من أجل عمل مثمر ومنتج. لقد أراد الله منا الإيمان والإعتقاد بالمعاد وأنه لا بد من يوم يجازي فيه المحسن ويعانق العاصي أعماله ليعاقب عليها. من هنا تأتي هذه الدراسة التحليلية في محاولة لإثبات المعاد ورد الشبهات التي دارت حوله وذلك على ضوء منهج علمي وكلامي، حيث عمد المؤلف أولاً إلى إثبات الحياة بعد الموت، فأورد آراء مجموعة من العلماء والفلاسفة وآرائهم سواء كان هؤلاء الفلاسفة إغريقاً أو يونان أو مسلمين مع ذكر مجموعة من الأدلة العقلية والمؤيدة للحياة بعد الموت مدعمة بأدلة نقلية لينتقل من ثم إلى مناقضة الشبهات التي دارت حول المعاد والرد عليها ومن ثم إلى الحديث عن عالم البرزخ وما يجري هناك بالإستناد إلى ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية متناولاً من ثم عذاب القبر. وبعدها كان لا بد للمؤلف من إستكمال دورة هذا الإنسان من ولادته إلى حين بعثه في ذلك اليوم العسير، يوم القيامة، والذي بينه القرآن الكريم، عارضاً بعد ذلك ملامح وأهوال ذلك اليوم. ثم الصراط ثم العقبة فالشفاعة، ومن تقع منه الشفاعة مع نقل مجموعة الأحاديث النبوية الشريفة عن الشفاعة