قد يتعب المرء في العثور على شبيه ولو من بعيد، لموضوع مسرحية "ابن المستر ونزلو" في الآداب العالمية. ربما ما من عمل أدبي اهتم بإحقاق الحق عن طريق القانون من قبل، اهتمام هذه الرواية به يظن سياسيو المدن ومحررو صحف العواصم، أن العلة أو العلل في مجتمعاتنا، إنما هي ناجمة أساساً عن غياب الديمقراطية والتعددية، ولكن أكثر الأحزاب ديمقراطية...
قراءة الكل
قد يتعب المرء في العثور على شبيه ولو من بعيد، لموضوع مسرحية "ابن المستر ونزلو" في الآداب العالمية. ربما ما من عمل أدبي اهتم بإحقاق الحق عن طريق القانون من قبل، اهتمام هذه الرواية به يظن سياسيو المدن ومحررو صحف العواصم، أن العلة أو العلل في مجتمعاتنا، إنما هي ناجمة أساساً عن غياب الديمقراطية والتعددية، ولكن أكثر الأحزاب ديمقراطية، وأكثرها إيماناً بالتعددية، لا يمكن لها أن تتوقفن ما لم يسبقها بناء قاعدة قانونية مأمونة.في هذه المسرحية برهان أكيد على أن الديمقراطية رغم عراقتها ببريطانيا منذ الـ MaGNA Carta التي أجير فيها ما يدعى النبلاء الإنكليز، الملك جون على إقرارها عام 1215 لم يستطع حل مشكلة ابن المستر ونزلو، لولا القانون، ويمكن استقصار خلاصة مسرحية "ابن المستر ونزلو" ببضعة أسطر. فهذا الابن الذي لم يتعد الثالثة من عمره طالب في الكلية البحرية البريطانية. اتهم بسرقة حوالة بريدية فطرد. وحين استجوبه والده المتقاعد "المستر ونزلو" آمن غريزياً بأن ابنه بريء مما نسب إليه من تهمة، عندها جنّد له أشهر المحامين للدفاع عنه مما كلّفه مالاً فوق طاقته، وفي أثناء ذلك أخذت صحة الأب بالتدهور، بشكل مفجع. لكن من أين استقى راتيكان فكرة المسرحية؟ لماذا أثارته؟ وما علاقتها بحياته الصحية؟والمعروف أن قضية قانونية استند إليها راتيكان كانت قد وقعت فعلاً عام 1908، وفيها يُطردُ صبي عمره ثلاثة عشر عاماً من الكلية البحرية بتهمة سرقة حوالة بريدية، ومما جلب انتباه راتيكان إلى هذه القضية أكثر، مقال كتبه ناقد أمريكي يدعى الكساندر وولكوت بعنوان: "القانون في سيرورة العمل".في هذا المقال يفصّل الناقد حيثيات قضية الصبي "جورج آرتشر-شي" وهي أقرب ما تكون إلى الحيثيات التي صورها راتيكان في مسرحية "ابن المستر ونزلو" إلا أن راتيكان لم يلتزم كلية بالشخوص ولا بالوقائع الحقيقية. بالإضافة إلى ذلك أضاف شخوصاً آخرين رمزوا لكل شرائح المجتمع تقريباً. هكذا أخذت أبعاد أوسع وأشمل من مجرد كونها قضية قانونية محددة في ظروف معين. يقول راتيكان: "أردت أن أخلق العقدة، ولم أردّ مجرد إعادة خلقها. العقدة استلفت من الواقع، لكن شعرت إذا ما استلفت الشخصيات من الواقع أيضاً، بأن المسرحية برمتها ستكون بلا شك ميتة".