كل عصر من العصور ، وكل حضارة من الحضارات ، تواجه باشكالات ، وأسئلة معينة ، منها ما هو محدود بزمانه ومكانه ، ومنها ما هو مستمر ، جدلي وقائم في مستقبل الزمان .والحضارة العربية .لا تخرج عن سياق الحضارات الأخرى التي جوبهت بمعضلات رئيسة ، تمثلت في تيارات فكرية ، وفلسفية جاهدت في الوصول الى حلول وأجوبة لهذه المعضلات ، منها ما اجيب علي...
قراءة الكل
كل عصر من العصور ، وكل حضارة من الحضارات ، تواجه باشكالات ، وأسئلة معينة ، منها ما هو محدود بزمانه ومكانه ، ومنها ما هو مستمر ، جدلي وقائم في مستقبل الزمان .والحضارة العربية .لا تخرج عن سياق الحضارات الأخرى التي جوبهت بمعضلات رئيسة ، تمثلت في تيارات فكرية ، وفلسفية جاهدت في الوصول الى حلول وأجوبة لهذه المعضلات ، منها ما اجيب عليه ، ومنها ما ظل معلقا في الزمان والفراغ .واذا كانت الفلسفة في سياق تطوري متصاعد ، وكان هناك قضايا مشتركة في الفكر الانساني ، تكون المعتزلة هي المدرسة الفلسفية العقلية الأولى في سياق الفكر العربي الحضاري ، التي تصدت لمعضلة الانسان , موقعه من الكون ، وغاية وجوده ، أي أنها بحثت بشكل عام مشكلة ، الكائن والوجود ، الانسان والعالم ، وأوغلت داخل الروح البشري ، ضاربة جذورها بين البداية والنهاية ، ثم ما قبل البداية والنهاية ، ثم ما قبل البداية ، حتى اللانهاية .لم تترك المعتزلة موضوعا يتعلق بالكان الا طرقته ، ناقشت مشكلة الجسد والروح ، المادة والمعنى ، الشكل والماهية ، مرتكزة في طروحاتها على اعقل ن وعلى الفعل البشري بما هو معطى وموجود ، داخلة في مشكلة الجبر والاختيار ، " هل الانسان مسّير أم مخير ؟ " ذاهبة الى الأخلاق في بحثها عن نزوع الكائن ، وجدل أفعاله بين الخير والشر . صائغة ملحمة العقل البشري في ذلك الزمن .أما كبرى المشكلات التي انغمست فيها فلسفة المعتزلة العقلية ، فهي مشكلة الحرية ، وهذه المشكلة ما زالت أصداؤها تتردد في كامل تيارات الفكر والفلسفة في العصر الحديث .