أو بعد الموت!.. (هذه ليلتى .. وحلم حياتى.. بين ماضٍ من الزمان وآتِ.. الهوى أنت كله ، والأمانى.. فاملأ الكأس بالغرام وهاتِ)، ليست صدفة!.. ليست صدفة أن ينتقى العاملون بالكافيه بالضبط الأغنية التى تناسب مزاجى، إن هذه الأغنية علامة من القدر. بينما أنتظر أنشغل بترتيب بعثرة روحى: فتارة أساوى شعرى، فتارة أخرى أمنع دمعة، وتارة أهدئ من ر...
قراءة الكل
أو بعد الموت!.. (هذه ليلتى .. وحلم حياتى.. بين ماضٍ من الزمان وآتِ.. الهوى أنت كله ، والأمانى.. فاملأ الكأس بالغرام وهاتِ)، ليست صدفة!.. ليست صدفة أن ينتقى العاملون بالكافيه بالضبط الأغنية التى تناسب مزاجى، إن هذه الأغنية علامة من القدر. بينما أنتظر أنشغل بترتيب بعثرة روحى: فتارة أساوى شعرى، فتارة أخرى أمنع دمعة، وتارة أهدئ من روع قلبى كى لا يقتلنى قبل أن ألقى (سامى). أسرح حينًا مع طفلة على مائدة مقابلة جميلة الملامح كما (سامى) ولكنها حسنة الحظ جدًّا؛ فصغر سنّها أنجاها من أن تتعذب بحب (سامى). أرقب نادلاً صغيرًا برىء الملامح يتنقل بين الموائد ولكنه تعس الحظ جدًّا؛ فقد كان من الممكن أن أفكّر بأمره، لو لم أكن على موعد مع (سامى). أسترق النظر إلى سيدة فى منتصف العمر تستخدم سكينًا لقطع الحلوى التى هى بالتأكيد ليست أحلى من (سامى). (سامى)! (سامى) ! إننى أشعر بشعور غريب، ولو لم أكن على موعد مع (سامى) ، لقلت بأننى على موعد مع (سامى)! أراجع مع نفسى الحقائق المجردة لأطمئن إلى النتيجة للمرة الألف منذ حصلت على الموعد: (سامى) كان بادى الحنين حين التقانى صدفة بينما زوجى (كامل) بجوارى.. وبمجرد وفاة (كامل) اتصل بى (سامى) وطلب لقائى. (سامى) اختار ذات مكان اللقاء الذى يحمل ذكرياتنا. فإذا أضفنا لهذا علامة القدر التى حصلت عليها اليوم ، فإنه لم يعد من الممكن التشكيك بأن (سامى) لا يزال يحبنى. ترتعش عينى، ترتجف أناملى، يضرب قلبى جدران صدرى بعنف: اهدأ أيها المجنون ليست بالضبط فكرة صائبة أن تردينى قتيلة على مائدة (سامى): ها قد لاح حبيبى ! هز رأسه بتحية مقتضبة واتخذ مقعدًا: مرحبًا يا ... فتاة ! كيفك؟ أبتلع ريقى مع الصدمة: بخير يا (سامى) .. هل نسيت اسمى أم ماذا؟ يزفر فى بساطة: لا ! إنها مشاغل الحياة ، وكيف حال زوجك ؟ زوجى .......؟ ألا تعرف؟ أخفضت صوتى كأنما أحدث نفسى: ظننتك تعرف أن زوجى تُوفى. أدار وجهه إلى بعيد بينما يقول بلا مبالاة: حقًّا؟ يؤسفنى هذا.. نظر إلى ساعته : إذًا ندخل إلى الموضوع .. تعرفين أنى أترأس القسم الأدبى بجريدة (المجهول)، وفى اجتماع هيئة التحرير الأخير ناقشنا اقتراحات لتطوير الصحيفة تشـمل إصدار حلقات قصصية عن ذلك العالم المجهول، وقـد اقترح أعضاء من هيئة التحرير اسمك لما طالعوه من كتابات لك بالسوق.أعاد النظر إلى ساعته فيما يقول: لو سألتنى رأيى لقلت أن كتاباتك سطحية تخلو من التشويق وتفتقر إلى الخيال؛ تعرفين أننى ناقد بالأساس، ولكن هم لهم رأى آخر، فماذا ترين؟ أنهى كلامه وتنقل بنظرته المتعجلة بين الموجودات من حوله، ما عداى. أنهى آمالى ثم أدار وجهه، ولم يكلف خاطره أن ينظر لى. لم يلمح رفّة عينى اليسرى إذ تنظر إليه، لم يتعذب بثبات نظرتى المصوّبة إلى عينيه المتفلتتين، لم يدرك أن مثلى لم تكن لتُعَامَل بهذا الشكل. تناول كوب ماء من أمامى ورفعه إلى فمه، سمعت صوت اصطكاك المعدن بالزجاج، أنزلت بصرى إلى مصدر الصوت بوجل. أصابه الملل فأعاد: أقول، ما رأيك؟ ثم رفع يده إلى النادل يطلب الحساب، يده المزينة بـ خاتم زواج. أرفع عينى عن الدبلة وأتوجه إليه بنبرة مرحة: بارك لى يا ( سامى )؛ فعلى وجهك الحلو ..وقعت لى أنباء سارة .. سوف أحكيها لك .. وسوف تندهش منها .. وسوف لن تنساها ما حييت ، أو بعد الموت ! سوف تلهو بنا الحياة وتسخر، فتعالَ .. أحبك الآن أكثر.