شكّل تعدّد التجارب الروائية وتشعبها في زمن الحرب اللبنانية، عامل جذب لدراسة "النظرة" الروائية إلى هذه الحرب، لا سيما وأن النص يتميز ببنيته الفنية الجمالية التي بها ينهض الخطاب الروائي وتستقيم دلالاته الاجتماعية. فكان تعدد التجارب الروائية الحديثة، مناسبة لتحديد خطابات الروائيين اللبنانيين، واستخلاص الرؤى المختلفة التي حملتها تلك...
قراءة الكل
شكّل تعدّد التجارب الروائية وتشعبها في زمن الحرب اللبنانية، عامل جذب لدراسة "النظرة" الروائية إلى هذه الحرب، لا سيما وأن النص يتميز ببنيته الفنية الجمالية التي بها ينهض الخطاب الروائي وتستقيم دلالاته الاجتماعية. فكان تعدد التجارب الروائية الحديثة، مناسبة لتحديد خطابات الروائيين اللبنانيين، واستخلاص الرؤى المختلفة التي حملتها تلك الخطابات.إن فكرة دراسة "النظرة" إلى الحرب، بالاستناد إلى تمايز البنى الروائية وأنماطها في الروايات اللبنانية المكتوبة بين عامي 1975 و1995، شكّلت أساساً مبادرة اقتحامية في ظل ندرة الدراسات المماثلة. إذ إن الافتقار إلى مثل هذه الدراسات، وسيطرة القراءات الأدبية الخالصة لروايات الحرب، فضلاً عن هيمنة النقد الصحفي المتسرع في معظم الأحيان، برزت جميعها كعوامل معبّرة عن الحاجة إلى قراءة اجتماعية أكاديمية من شأنها إضاءة عدد من النصوص الروائية التي شكلت الحرب موضوعها أو خلفيتها، والتي تميّز زمن خطابها بكونه زمن حرب. فبلغ عدد هذه النصوص التي شملها الكتاب تسعة عشر نصاً لاثني عشر روائياً.أما فرضية الكتاب فقد صيغت كالتالي: "إن إقبال الكتّاب على الجنس الأدبي الروائي في زمن الحرب واجتماعهم، على مستوى النصوص، عند قاعدة إنسانية واحدة تتمثّل في نبذ التقاتل والعنف هو في ظاهرة تعبير عن صمود وحدة أساسية للمخيال الاجتماعي في ظرف الحرب تتجاوز الانقسام الحاصل بين جناحي المجتمع، وفي باطنه تدليل على انقسام جماعات راحت تعكس من خلال الأشكال الروائية رفضاً عاجزاً ومعزولاً للحرب".كانت هذه الفرضية الأساسية للكتاب الذي اقتضى بطابعه السوسيولوجي، المستند إلى المتخيّل الروائي، منهجاً قادراً على حفظ خصوصية المادة الأدبية، لكونها مادة فنية إبداعية أولاً وآخراً. فجاءت قراءة النصوص الروائية قراءة لا تطابق بين النص ومرجعه الواقعي، بل قراءة يغدو معها السؤال عن معيار "الحقيقة" في النظرة الروائية إلى الحرب سؤالاً باطلاً في أساسه.