لم يخطر في بالنا عندما شرعنا بكتابة مقالةٍ أدبيّةٍ عن الديوانين (أنا العاشق البحر) و(سفر من كتاب إمرأة) للشاعر "جوزف أبي ضاهر"، أننا سننجرف بتيّار دراسة نقديّة، تتجاوز صفحات الجرائد والمجلاّت، إلى محتوى البحث الاكاديمي المطبوع في كتاب مستقل.فبَيْدَ أن الشاعرية التي واجهتنا في ديواني "أبي ضاهر" أثارت أجنحتنا، فحلّقت وراء العصافير...
قراءة الكل
لم يخطر في بالنا عندما شرعنا بكتابة مقالةٍ أدبيّةٍ عن الديوانين (أنا العاشق البحر) و(سفر من كتاب إمرأة) للشاعر "جوزف أبي ضاهر"، أننا سننجرف بتيّار دراسة نقديّة، تتجاوز صفحات الجرائد والمجلاّت، إلى محتوى البحث الاكاديمي المطبوع في كتاب مستقل.فبَيْدَ أن الشاعرية التي واجهتنا في ديواني "أبي ضاهر" أثارت أجنحتنا، فحلّقت وراء العصافير تقرأ مدار الفضاء، وغاصت تحت البحار تتهجَّى بنات الحور، حتى إذا طالت قراءة المشاعر وتهجئة الرغبات، تحوّلت المقالة كتاباً يضمّ بين دفّتيه رحلة العاشق من خلال بحث استهلك مدّة طويلة من التحليل.هذا الرقيّ المنبعث من أناقة التصوير والتعبير يتجلَّى في موضوعاتيّة Thématique الهواء والماء ورمزيّة المرايا والشموس ودلالة الأبواب والنوافذ وأبعاد الأقفال والمفاتيح، ومعاني التفاحة المحرَّمة ومضامين الأفاعي والفراديس، وقد عرضنا لها كلّها في سياق البحث المؤلَّف من بابين وأربعة فصول.الباب الأول عنوانه: "أحصنة اللّهب وشمس الإنتظار"، انطلقنا فيه من طاقة الشوق الملتهبة التي أشعلت وجدان الشاعر، فغدا جمراً يتوقّد تحت شمس الإنتظار، ولا ريب في أنّ "حضارة الستائر" التي جعلناها شعار الفصل الأول، كانت وراء الإنتظار القسري، واقترن الفصل الثاني بعنوان: "الليل والملاك الحارس"، كما أن الواضح أنّ شاعرنا من أنصار العتمة، لأنّ ضوء الصباح يخنق شهواته، لذلك أحسّ بضرورة الخلق الفنّي لأنّ فيه تعويضاً لرغباته المسلوبة أو تحريراً للغرائز من طريق الرمز، هكذا بدأنا الباب الثاني بعنوان: "الكلمة صارت جسداً".فالجسد الغاوي يهجس به الشاعر صباحَ مساء، وهذا الهُجاس لا ينقضي من غير عقدة نُظار Voyeurisme تهيمن على طبع الفنان المولع بــ"عيون الأبواب والنوافذ"، وقد جعلناها عنواناً للفصل الأول من هذا الباب، وعندما انتهينا من تحليل موقف أبي ضاهر الرافض ديانة القمع وتبخيس الجسد، بدأنا الفصل الثاني بعنوان: "عصا الجن الساحرة"، وهي عصا الخلق الفنّي لأنها تجترح المعجزات بما فيها من طاقة الإبداع.هكذا كانت الحلول متوافرة في عملية الكتابة، التي رافقتها عملية الرسم في حياة الشاعر الرسّام "جوزف أبي ضاهر"، فإذا الفصل ينتهي بأسلوب التنقيط الذي اتّبعه شاعرنا في رسومه، حتى صحّ فيه قول بعضهم: "في البدء "كان" النقطة"، وتلا ذلك خاتمة لخَّصت مضمون الكتاب، وأوردت بعدئذٍ نتائج البحث، وهي نتائج بقيمة المضمون وجِدّة الأسلوب في خضمّ الحداثة المعاصرة.