يقول الناقد " شعبان يوسف" في مقدمة الديوان: عندما تقرأ نصًا إبداعيًا لا تنتظر منه ما تتمنى سلفًا، ولا تُلقي عليه بأفكارك وآمالك، فالنص المفاجئ هو النص الذي يُحرِّك ثباتك الروحي والذهني والفكري والسياسي والإنساني، والنص ذاته لا توجد أي قوانين تحكمه، فالنص ضد القواعد والقوانين والثوابت التي تعارف عليها الناقدون، وتنادى بها المنظرو...
قراءة الكل
يقول الناقد " شعبان يوسف" في مقدمة الديوان: عندما تقرأ نصًا إبداعيًا لا تنتظر منه ما تتمنى سلفًا، ولا تُلقي عليه بأفكارك وآمالك، فالنص المفاجئ هو النص الذي يُحرِّك ثباتك الروحي والذهني والفكري والسياسي والإنساني، والنص ذاته لا توجد أي قوانين تحكمه، فالنص ضد القواعد والقوانين والثوابت التي تعارف عليها الناقدون، وتنادى بها المنظرون، ودبجها الحريصون على عبادة الثبات لذلك عندما تقرأ هذه النصوص الشعرية الخاصة، والتي تنتمي إلى عائلة الاعترافات والبوح والتأمل؛ ستندهش من قوة الروح التي توجه الجملة والمفردة والمعنى، حتى لو لم يكن صانعها شيَّدها بإحكام مدروس، ولم يسر على خُطى سابقة. إنها نصوص تصنع لنفسها مناخًا خاصًا، هذا المناخ الذي يشتبك مع كافة المفردات والمعاني والأفكار دون تهيب لحكمة أو عظة أو نظرية، فقط فمبدعها يسير خلف نفسه وروحه بصدق واضح، يدق أجراسه التي تفضح وتقلق وتكشف ضعف الكائن البشرى أمام هذا العالم الغامض والمحير، يسير دون أن يحسب مدى خطواته، وينأى بطبيعته عن افتعال المواقف أو العواطف، يطلق صرخاته التي ترج وتهز جدران معبد المعاني التقليدية، وهو يعلن منذ البداية أنه لا ولن يأبه بالتصنيف الذي تندرج تحته هذه النصوص. فخالد الصاوي الفنان والكاتب والثائر والمبدع الشامل لا تقيده التسميات، ولا يخضع للتقنيات المتعارف عليها، هو أشبه بكائن حائر يصرخ في متاهة العالم، أشبه بممثل يقف على مسرح ويرتجل عذاباته وهواجسه وقلقه، يرتجل دون أن يؤدي دورًا مكتوبًا من قبل، ويخترق قوانين اللغة، فتختلط الفصحى بالعامية، وتمتزج الموسيقى الداخلية مع الموسيقى الخارجية، هو يدرب نفسه الطليقة على نوع من البوح والاعتراف، هذه النفس الفضاحة لهواجسها وهواجس الآخر، والتواقة لتجد أي معنى وشرعية لوجودها في ظل المعاني الكبرى العملاقة التي كادت أن تدمر المشاعر الأولية للإنسان، هذه النفس التي تدفع صاحبها ليصرخ وينشد ويغني، هذا الصاحب العنيد، والذي لا يستسلم لبضعة عذابات أرادت أن تحطمه، فيهتف ضد كل أشكال التدمير والسحق والإلغاء.خالد الصاوي الذي نعرفه ممثلاً مسرحيًا وسينمائيًا، يضع نفسه في تجربة ليست جديدة عليه، لكنها ربما تكون جديدة على القارئ، ولذلك تتعدد الوجوه، لكن التجربة واحدة، والمعنى الذي يبحث عنه الفنان يتجلى في المشهد السينمائي، كما ندركه ونحسه في القصيدة، ويتجسد أمامنا فنانًا شاملاً يريد أن يفسِّر الوجود الاجتماعي والإنساني في أشكالٍ فنيةٍ عديدةٍ ومختلفة".