دأبت الصهيونية السياسية والأدبية التركيز على الإمكانات الكامنة لليهودي وقدرته على التغيير والتمييز, وكانت تستهدف من ذلك تحقيق أغراضها بإثارة الغرائز العدوانية لليهود من جهة والتقليل من قيمة القدرات الإنسانية والتراث الإنساني من جهة أخرى. وكتاب الأدب الصهيوني الحديث يتناول موضوعاً محدداً بتأثير التوراة ونتائج الأعمال الفدائية ضد ...
قراءة الكل
دأبت الصهيونية السياسية والأدبية التركيز على الإمكانات الكامنة لليهودي وقدرته على التغيير والتمييز, وكانت تستهدف من ذلك تحقيق أغراضها بإثارة الغرائز العدوانية لليهود من جهة والتقليل من قيمة القدرات الإنسانية والتراث الإنساني من جهة أخرى. وكتاب الأدب الصهيوني الحديث يتناول موضوعاً محدداً بتأثير التوراة ونتائج الأعمال الفدائية ضد العدو ومنشاته على المعنويات الصهيونية. وقد رصد الكاتب حالة كاتب القصيدة أو القصد الصهيوني بعد تفجر الثورة الفلسطينية وتأججها بعد حرب حزيران، ويلجأ إلى التدليل على رأيه بقصيدة كاملة.عني المؤلف بشكل أساسي في إبراز تأثير الكفاح المسلح وقدرته على تفكيك الشخصية السيكولوجية للمستوطن الصهيوني، يعرض المؤلف أولاً للجذور التاريخية للحركة الصهيونية التي قامت على مجموعة من الأسس والمعايير لبلورة مفهومها كالتراث الديني، اللغة العبرية. ثم يبحث في إثبات الوجود، والدعوة إلى الانغلاق الاجتماعي والمنطق العنصري.ويعتقد المؤلف أن علاقة الأدب الصهيوني بفلسطين علاقة تداخل مفروض لعدم تبلور الأدب قديماً وانصبابه بالإطلاق على القضايا الرومانطيقية التي كان محورها أرض الميعاد. كما يبين أن فلسطين كانت مأهولة بالعرب الفلسطينيين (الكنعانيين) قبل مجيء اليهود إليها ودليل على ذلك آيات توراتية.ولقد ابتدأت الأزمة الحقيقية للمستوطن الصهيوني عام 1948 ولم تكن نهايتها كما تحاول الصهيونية ادعاءه، ومنذ اللحظة التي خرج فيها المستوطن الصهيوني للاحتفال بعيد الاستقلال أخذ يذوب تدريجياً في الآلة العسكرية ليصبح جزءا منها. ولدراسة الصراع النفسي في الأدب الصهيوني يعمد المؤلف إلى دراسة مظاهر هذا الصراع الذي يكمن برأيه في عقدة التعالي.ويلاحظ الكاتب أن إحصاء سريع لعدد الكلمات في قصيدة واحدة يذكر فيها الموت أو مضمون الموت أو تدور حول هذه الفكرة توضح المعاناة والإرهاق النفسي الذي يعانيه الكاتب الصهيوني. وقد أدركت الإمبريالية والصهيونية حالة المستوطن النفسية واحتمالات تهاويه وعدم قدرته على مواطنة وتحقيق الدور المرسوم له فأرقت بكامل ثقلها لإنقاذ الكيان من الموت المحتم.وهكذا فإن المعنويات المنهارة التي تميزت بها النتاجات الأدبية إبان أعوام 1967-1973 استبدلت بأخرى متطابقة مع النتاجات ذات الطابع العنصري المتعجرف التي لا تعرف غير الأطماع وفرض الشروط، لكن نشوة النصر التي منحها السادات للمستوطنين كانت أشبه بصحوة الموت أو تعلق الغريق بقشة، إذ أن تطور القدرات النضالية للشعب الفلسطيني كماً وكيفاً وتنظيماً خلقت انتكاسة جديدة وأكثر شدة للمستوطنين وفي الأدب الصهيوني الكثير مما ينبئ عن حدة الأزمة النفسية التي يحياها الصهاينة.