دأب المستشرقون والمستعربون والأصوليون، على حدّ سواء، منذ القرن التاسع عشر، وحتى الآن، على نقض العقل العربي، والزعم بأن العقلية العربية غير مؤاتية، بل مناقضة، للفكر الفلسفي، فادّعى، البعض بأن "العقلية السامية" و(العقلية العربية منها) تتعارض مع إمكان نشوء فكر فلسفي، من طبيعته الأولى التأمل الحر، والتفكير بالوجود، كوجود على ضوء الع...
قراءة الكل
دأب المستشرقون والمستعربون والأصوليون، على حدّ سواء، منذ القرن التاسع عشر، وحتى الآن، على نقض العقل العربي، والزعم بأن العقلية العربية غير مؤاتية، بل مناقضة، للفكر الفلسفي، فادّعى، البعض بأن "العقلية السامية" و(العقلية العربية منها) تتعارض مع إمكان نشوء فكر فلسفي، من طبيعته الأولى التأمل الحر، والتفكير بالوجود، كوجود على ضوء العقل المحض. وادعى البعض الآخر قصور اللغة العربية عن القول الفلسفي، باعتبار الفلسفة "قولاً لغوياً" يتضمن فيه، إمكانات التفكير الميتافيزيقي والوجودي.أما الأصوليون العرب، والمسلمون، فقد تعاطوا مع إمكان التفكير الفلسفي بنوع من الاستشراق-المضاد، فادعوا بأن "العقل السامي" لم ينتج في تاريخه، ولا يمكن أن ينتج ويقدم إلا فكرة "التوحيد" بعكس العقل اليوناني والغربي.وفي هذا الكتاب يحاول الباحث البرهان على إمكانية وحاجة وضرورة القول الفلسفي عند العرب، وذلك لحاجة وضرورة الدخول في منطق العصر والحداثة، وما بعد الحداثة، وليكون للعرب في هذا العالم مشروعية يفتقرون إليها منذ نهاية الفلسفة في أرض العرب، وبداية عصور الانحطاط والتأخر الفكري والسياسي والاجتماعي، وليس أدعى وأدل على ضرورة التفكير الفلسفي من هذه الحقيقة الوجودية، والتاريخية، حقيقة اقتران الفكر الفلسفي، منذ عصر المأمون، بالحضارة والحداثة، واقتران التخلف والمتأخر والانحطاط ببدايات الدعوة إلى حظر الاجتهاد العقلي والنقلي بحجة أن "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" الخ...