أضرمت المرأة النار في كل ما حولها، ففي وجدان الرجل صنعت مراجل تزخر طاقة تغذي بركانها بالقوة اللازمة للتثوير، والتدبير، والتنوير ما دام طبعها الغواية قبل الهداية... دارت الأساطير في فلكها، وما زالت في خدمتها، منذ أن أقنعت الرجل بأنها القادرة على الخلق بالحمل والولادة. ولعل تلك الخاصية جعلت الآلهة الأنثوية أضعاف الآلهة الذكورية في...
قراءة الكل
أضرمت المرأة النار في كل ما حولها، ففي وجدان الرجل صنعت مراجل تزخر طاقة تغذي بركانها بالقوة اللازمة للتثوير، والتدبير، والتنوير ما دام طبعها الغواية قبل الهداية... دارت الأساطير في فلكها، وما زالت في خدمتها، منذ أن أقنعت الرجل بأنها القادرة على الخلق بالحمل والولادة. ولعل تلك الخاصية جعلت الآلهة الأنثوية أضعاف الآلهة الذكورية في معتقدات شعوب العالم كلها.قدسها الرجل، إلى أن أفقدها الخوف – بسبب ضعفها البنيوي، تلك القدسية، وتحايلت من جديد عندما نقلت القدسية إلى الرجل نفسه، فجعلت منه طوطماً ثم "تابو" لا تكسر ولا تعصى أوامره، وكرسته كله بعواطفه وجوارحه وقواه مجتمعة لخدمتها، إما بالدفاع عنها، أو بتلبية مطالبها حتى الضغائنية منها..كتابنا هذا "المرأة.. الحب والجنس" لمؤلفه جبارة البرغوثي يبعث على الدهشة، نظراً للإطلاع الواسع للمؤلف، والتوظيف الحاذق لرؤيته، سواء عبر الأساطير التي اختارها والتي لم تكن معزولة عن معتقدات وسلوكيات المجتمعات القديمة، أو عبر أحداث واقعية ومفصلية في التاريخ كانت المرأة المحور الأساسي فيها.. والكتاب يزخر بشواهد ومشاهد مذهلة لما تحمله من سير ذاتية، لعظماء وعظيمات جميعها توحي بأن المرأة ليست نصف المجتمع بل هي كل المجتمع.. لأن الرجل مذعن لها برضى وقبول، دون ان يظفر بحبها، فهي متلقية فقط، أما عطاؤها، فهو النتيجة الحتمية للتلقي كما أوضحت الأم لإبنها "المؤلف" بشهاداتها على المرأة.