هذا هو المجلدة الأول من كتاب جدير بأن يشار إلى أهميته من ناحيتين فهو جديد من حيث النتائج التي وصل إليها، جديد من حيث المنهج الذي اصطفه للوصول إلى تلك النتائج، كيف يفكر الطفل؟ وكيف يتكلم؟ وما الخصائص التي تتسم بها أحكامه وتفكيره؟ تلك الأسئلة جهد العلماء في بحثها من نصف قرن، وكانت من أولى المسائل التي تناولها علم النفس في مطلعة.ول...
قراءة الكل
هذا هو المجلدة الأول من كتاب جدير بأن يشار إلى أهميته من ناحيتين فهو جديد من حيث النتائج التي وصل إليها، جديد من حيث المنهج الذي اصطفه للوصول إلى تلك النتائج، كيف يفكر الطفل؟ وكيف يتكلم؟ وما الخصائص التي تتسم بها أحكامه وتفكيره؟ تلك الأسئلة جهد العلماء في بحثها من نصف قرن، وكانت من أولى المسائل التي تناولها علم النفس في مطلعة.ولئن كان الفلاسفة وعلماء الأحياء قد وجهوا اهتمامهم إلى دراسة نفس الطفل، فما ذاك إلا أنهم دهشوا بادئ ذي بدء من منطقه ومن لغته، غير أنه يبدو أن تلك الجهود لم تصل بعالم النفس إلى ما كان يرنو إلى معرفته بالتحديد، ألا وهو لم يفكر الطفل؟ ولم يفصح عن نفسه بطريقة معينة دون غيرها ولم يقنع في سهولة، بأية إجابة تقدم له رداً على أسئلته أو بأية إجابة يقدمها هو لنفسه؟ ولماذا يؤكد الطفل ويعتقد في أشياء تخالف الواقع مخالفة بينه، مما يؤدي به إلى تلك الببغائية التي تتميز بها لغته بوجه خاص؟ وكيف يزول هذا التهلهل بالتدريج من فكرة ليحل محله منطق العقل الراشد؟ولا ريب في أن العلماء قد تناولوا بالتفسير أمثال تلك الحقائق الأخاذة إلا أنه عيب هذه البحوث ظهر في اختبارهم لعقل الطفل بحسب المعايير والقوالب التي يقاس عليها عقل الراشد، وفي أنها نظرت إليه من زاوية المنطق لا من زاوية علم النفس. أما بحوث بباجه هذه فتطالعنا بنظرة جديدة كل الجدة إلى عقل الطفل. وتتلخص مهارته في انه عرف كيف يستلخص من كل واحدة من النظريات الجديدة خير ما فيها، ثم جعلها تلتقي جميعاً عند تأويل عقلية الطفل.فيكون بهذا قد ألقى ضوءاً ساعد على تبديد كثير من الظلمات التي حيرت الباحثين في منطق الطفل أما المنهج الذي سار عليه للوصول إلى تلك النتائج، فهو على جانب كبير من الأصالة، وقد سماه "المنهج الكلينيكي" وما هو في الواقع، إلا منهج الملاحظة الذي يتلخص أن ندع الطفل يتكلم، وأن نلاحظ الأسلوب الذي يتفصح عنه فكرة ويجري عليه. والجديد من هذا المنهج أنه يقتصر على مجرد تسجيل أجوبة الطفل عن الأسئلة التي توجه إليه، بل إنه يدع الطفل يتكلم من تلقاء نفسه.