الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم إلى يوم الدين. وبعد: جاء التشريع الإسلامي الذي أنزله الله تعالى تحقيقاً لمعنى عمارة الأرض وخلافة الله فيها سبحانه جل وعلا، ومن أهداف هذا التشريع جلب المصالح ودرء المفاسد عن العباد....
قراءة الكل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم إلى يوم الدين. وبعد: جاء التشريع الإسلامي الذي أنزله الله تعالى تحقيقاً لمعنى عمارة الأرض وخلافة الله فيها سبحانه جل وعلا، ومن أهداف هذا التشريع جلب المصالح ودرء المفاسد عن العباد. وكما هو معروف فإن النزاع له ثلاث طرق للفصل به، وهي: الصلح والذي يكون حل النزاع بين أطرافه بالتراضي خارج نطاق القضاء، والقضاء والذي هو الحكم الصادر عن القاضي الملزم لأطراف النزاع؛ والتحكيم والذي هو تولية الخصمين حاكماً يحكم بينهما وبرضاهما. والوساطة القضائية هي إجراء من إجراءات الصلح، ويبرز دور الوساطة لحل النزاعات من حيث السرعة في قطع النزاعات وحسم الخلافات وإنهاء الخصومة، وبالتالي توفير الوقت والجهد والمال التي قد تكون فيما إذا كان حل النزاع عن طريق القضاء؛ كما أن للوساطة دوراً كبيراً في إزالة الأحقاد التي قد تكون نتيجة الأحكام القضائية الملزمة، لأن مبادئ الفقه الإسلامي وإجراءاته التفصيلية تصب في مصلحة العباد ودرء المفاسد عنهم؛ وهذه دراسة عن الوساطة القضائية في الشريعة الإسلامية ودورها في حل النزاعات مقارنة بالقانون الوضعي، حيث صدر في المملكة الأردنية الهاشمية قانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية رقم (12) لسنة 2006 والذي عمل به من خلال إدارة الدعوى في محاكم البداية. وتسعى دائرة قاضي القضاة في إنشاء محاكم شرعية خاصة للإصلاح الأسري؛ حيث تهدف إلى إيجاد حلول بديلة عن إقامة الدعاوى وإنهاء النزاع بين أطراف الخصومة صلحاً من خلال الوساطة. وعليه فإن هذه الدراسة ستقوم ببيان مواطن الاختلاف والتشابه بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي في هذا الموضوع؛ وبيان قدرة الشريعة الإسلامية على تحقيق مصالح العباد وصلاحيتها لكل زمان ومكان للبشرية جمعاء.