يواصل الشاعر والروائي العراقي بُرهان شاوي التوغل في متاهاته الروائية بجسارة العارف بعبث الأقدار، لكنه يواصل طريقه متحدياً يقينه، متكأً على اليأس، محدقاً في المصير البشري بعيون مفتوحة، بقلب عاقل، وعقل طيب، فبعد رباعيته السردية: متاهة آدم، متاهة حواء، متاهة قابيل، متاهة الأشباح، يهبط الآن إلى الطبقة الخامسة من الجحيم أو يرتقي إلى ...
قراءة الكل
يواصل الشاعر والروائي العراقي بُرهان شاوي التوغل في متاهاته الروائية بجسارة العارف بعبث الأقدار، لكنه يواصل طريقه متحدياً يقينه، متكأً على اليأس، محدقاً في المصير البشري بعيون مفتوحة، بقلب عاقل، وعقل طيب، فبعد رباعيته السردية: متاهة آدم، متاهة حواء، متاهة قابيل، متاهة الأشباح، يهبط الآن إلى الطبقة الخامسة من الجحيم أو يرتقي إلى الطابق الخامس من بنايته الروائية متعددة الطوابق والمفتوحة على متاهة السماء.في روايته الجديدة "متاهة إبليس" يتتبع بُرهان شاوي مصير شخصيتين بطلتين من رواياته "متاهة قابيل"، وهما (حواء ذو النورين) و(حواء الكرخي) بعد أن هربتا من العراق إلى سورية، وما تواجهه كل واحدة منهما من مصير في جوانب هذه المتاهة.. لكن الكاتب برهان شاوي وكعادته في جميع أعماله السردية يواجه الإنسان وأعماقه ويشاكس بثقة هيلمان المقدس فيستحضر هنا في هذه الرواية شخصية (إبليس) الذي يتجسد في هيئة رجل أشقر وسيم، ليكشف من خلاله خطأ الكثير من الهذيانات الأسطورية الدينية وتناقضاتها.إن متاهات بُرهان شاوي لا تكتفي بنقد الواقع الناغل من حولها، بل إنها تبحث عن وعي ممكن يشيده القارئ انطلاقاً من المؤشرات النصية التي وفر لها الكاتب/السارد كل مكونات السرد الروائي الحداثي لتشييد عوالم نصية، شديدة الخصوصية، تُمكن القارئ من حفر مسارات تأويلية زاخرة وغنية تستنطق النص في أبعاده الكبرى، وبالتالي القبض على المتعة الفنية العميقة بفعل نموذج القراءة المُشاركة والخلاقة، والتي تشي بتعاون مثمر بين المرسل والمرسل إليه، أو بين الباث والمتلقي.