من بين العقود الجديدة التي جاءت بها مدونة التجارة، عقد الإتمان الإيجاري المعروف بـ : Crédit-bail أو Leasing ويأتي هذا العقد في إطار الإصلاحات، التي عرفتها قوانين المال والأعمال ببلادنا وجعلها قادرة على التكيف مع المناخ الاقتصادي والتجاري الوطني والدولي، وتشجيع الاستثمار وتيسيره ومد المقاولة بالدعم المالي اللازم، لمواجهة التطورات...
قراءة الكل
من بين العقود الجديدة التي جاءت بها مدونة التجارة، عقد الإتمان الإيجاري المعروف بـ : Crédit-bail أو Leasing ويأتي هذا العقد في إطار الإصلاحات، التي عرفتها قوانين المال والأعمال ببلادنا وجعلها قادرة على التكيف مع المناخ الاقتصادي والتجاري الوطني والدولي، وتشجيع الاستثمار وتيسيره ومد المقاولة بالدعم المالي اللازم، لمواجهة التطورات التكنولوجية، السريعة والمتنامية.كما يـأتي هذا العقد ومعه باقي نصوص مدونة التجارة، بعد توقيع المغرب على معاهدة روما، التي تلزم الدول الموقعة عليها بتوحيد تشريعاتها التجارية من جهة، وبحكم انتقال بلادنا من جهة أخرى، من منطق طلب المساعدة إلى منطق الشراكة، بعد مؤتمر الأرومتوسطي وما يلزمه الفصل 39 من هذه المعاهدة، من ضمان حماية فعالة وحقيقية للحقوق المتعلقة، بالملكية الفكرية والصناعية والتجارية، وذلك باعتماد المعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن. واعتمادا أيضا على الدراسات التي أعدتها اللجنة الاقتصادية لشؤون أوربا، والتابعة لمنظمة الأمم المتحدة، والاقتراحات التي تدعو الدول النامية إلى اللجوء إلى الإتمان الإيجاري، لتمويل استثمارات المشروعات بها، وذلك كحل بديل لانخراطها في علاقات التبعية الاقتصادية الدولية، من خلال عقود نقل التكنولوجية حتى تتمكن المقاولات والمشروعات، من الحصول على ما تحتاج إليه من معدات، ويؤدي بالتالي إلى عدم اضمحلالها اقتصاديا.لقد كان المغرب في طليعة الدول الموقعة على اتفاقية أوطاوا، المتعلقة بالإتمان الإيجاري الدولي، قبل صدور مدونة التجارة. وإن صدور هذه الأخيرة، وما جاءت به من عقود جديدة مثل عقد الإتمان الإيجاري، وعقود النقل بمختلف وسائله، وتنظيم وسائل الأداء / من شيك، وكمبيالة، والسند لأمر إلخ... لخير دليل على تدويل القانون التجاري المغربي، ومسايرته لكل المستجدات المطلوبة في الساحة الدولية.ويأتي اختيار البحث في هذا الموضوع، لكون هذا العقد التجاري الجديد القديم، يساير من جهة التطور الاقتصادي بتقنية جديدة لم تكن معروفة من قبل، ولكونه من العقود المشجعة على الاستثمار من جهة أخرى، والذي سبقتنا في ممارسته بعض الدول المتقدمة. ولكونه أصبح عملا مقننا دوليا. ويطرح عقد الإتمان الإيجاري العديد من التساؤلات والإشكاليات القانونية، خصوصا وأن النصوص الواردة بمدونة التجارة، وقبلها في قانون الإصلاح البنكي لم يشيرا إلى العديد من الجزئيات.ونظرا لكون الفقه والقضاء في فرنسا عرفا مواقف واجتهادات، في العديد من المشاكل التي أفرزها التعامل مع هذا العقد، وبحكم أن النزاعات التي عرضت على القضاء المغربي بشأن هذا العقد، قبل صدور القانون المنظم له جد ضئيلة ولم تتناول هذه الإجتهادات أهم الإشكاليات في الموضوع، لذلك كله فإننا سنركز على موقف الفقه والاجتهاد القضائي الفرنسيين، حول الإتمان الإيجاري على العقارات إلى دراسة مقبلة.وقبل الدخول في الموضوع ارتأينا إعطاء ورقة تعريفية لهذا العقد (الفصل الأول)، وجدوره التاريخية وأنواع الإتمان الإيجاري (الفصل الثاني)، ثم المراحل التي تمر بها عملية التعاقد (الفصل الثالث)، وبحكم أن هذا العقد يتشابه في جوانبه مع بعض العقود فقد خصصنا فصلا مستقلا لهذا الموضوع (الفصل الرابع)، ونظرا لما تكتسيه الشروط التعاقدية، التي كرستها التجربة التي خاضتها مؤسسات الإتمان الإيجاري، والتي صاغتها في عقودها النموذجية، فقد توقفنا عند أهم هذه الشروط وتساءلنا عن مدى مطابقتها للمقتضيات القانونية (الفصل الخامس)، وبحكم أن هذا العقد يثير مناقشة قانونية هامة، من حيث طبيعته، فقد توقفنا عند مختلف الآراء التي طرحت في الجانب الفقهي، حول طبيعة هذا العقد (الفصل السادس) ؛ ونظرا لكون معظم النزاعات، التي ستنصب حول علاقة أطراف هذا العقد، سواء فيما يخص المستعمل بالمورد، أو علاقة المستعمل بشركة الإتمان الإيجاري وعلاقته بالغير فقد خصصنا له (الفصل السابع).وما دمنا قد تناولنا إبرام العقد وعلاقة أطرافه، فإن إنهاءه يطرح بدوره جملة من الإشكاليات، سواء تعلق الأمر بانتهاء العقد في المدة المتفق عليها، أو وقع إنهاؤه قبل ذلك، من طرف مؤسسة الإتمان الإيجاري، أو من طرف المستفيد (الفصل الثامن).ومن أجل معرفة الإطار القانوني المنظم لهذا النوع من الإتمان فقد أوردنا ضمن ملاحق هذا الكتاب النصوص القانونية التي تنظم هذا العقد في القانون البنكي وفي مدونة التجارة، كما أضفنا نموذجا للشروط التعاقدية الخاصة بعقد الإتمان الإيجاري على المنقولات.والكتاب الذي نضعه اليوم بين يدي القارئ الكريم، هو محاولة أولية، قمنا من خلاله برصد مواقف الفقه والقضاء الفرنسيين في هذا الموضوع، وأبرزنا نوع الثغرات التي تعتري النصوص المنظمة له، وقد حاولنا أثناء تناول مختلف مختلف فصول الكتاب تحقيق درجة من البساطة والوضوح، تمكن المختص وغيره من الاستفادة من موضوعاته، ومع ذلك يبقى هذا العمل في رأينا، مجرد مقدمة ينبغي أن تتلوها محاولات ممن سيأتي بعدنا.