لسنا في حاجة لتبرير لماذا الفلسفة وتبيان أهميتها في أزمنة اللاتسامح والانغلاق، بل إن مثل هذا المعطى ذاته كفيل ليدفعنا للتفكير في مصير التعليم في عهد تنامي الشوفينيات وانبعاث الأصوليات. ولعل أهم درس تقدمه لنا الفلسفة هو درس الانفتاح على العالم. وقديما كان البيروني يبحث حيثما كانت الحكمة لأنه كان يؤمن بمحدودية تفكير العقل العربي ا...
قراءة الكل
لسنا في حاجة لتبرير لماذا الفلسفة وتبيان أهميتها في أزمنة اللاتسامح والانغلاق، بل إن مثل هذا المعطى ذاته كفيل ليدفعنا للتفكير في مصير التعليم في عهد تنامي الشوفينيات وانبعاث الأصوليات. ولعل أهم درس تقدمه لنا الفلسفة هو درس الانفتاح على العالم. وقديما كان البيروني يبحث حيثما كانت الحكمة لأنه كان يؤمن بمحدودية تفكير العقل العربي الإسلامي، وهكذا لم يقف موقف المتعصب ولا موقف الرافض للآخر. فالبحث عن الحكمة في أقاصي العالم هو تجديد وتطوير وتطويع للعقل العربي.لن نبلغ مدارج التفلسف ما لم نخرج من هذه الهوية المنغلقة التي تعتقد باكتمالنا في زمن الماضي، وما نحن عليه هو التكرار والاجترار كي نكون كالماضي أو يجب أن نجتهد كل الاجتهاد لنكون كالأجداد أو السلف. يجب أن نعي دور المدرسة اليوم، وبالتالي أهمية الدرس الفلسفي اليوم، وما يمكن أن تقدمه لنا الفلسفة من ترياق للعيش في عالم اليوم الموسوم بالعولمة والحركات الرافضة لها، وبالتقنية وذوبان الهويات الوطنية والمحلية ... إلخ. فالنصوص التي نقدمها عتبة نحو التفكير مع الآخرين في مصير الفلسفة والمجتمع والدولة والعقل والتجربة والتقنية والفن والعلوم الاجتماعية ... إلخ، وهي امكانات فكرية تزودنا بطاقات لنكون مواطني هذا العالم. ولذلك فإن ضرورة الفلسفة تنبع من حاجتنا الوجودية إليها، وما ينقصنا هو انخراط المدرس والتلميذ في الدرس الفلسفي بطرق جديدة تنآى عن الإلقاء والحفظ لتصبح انخراطا فعليا في التفكير والتزاما ذاتيا وشخصيا بحريته وآفاقه.