"جاء الإحتكاك الأول بيني وبين إسم عبد الوهاب وفنه من أكداس الأسطوانات العربية القديمة والحديثة التي كان يحرص والدي على إقتنائها منذ ذلك الوقت المبكر، والتي تدار على ألة فونوغراف جميلة الصوت.ومع أن أكداس هذه الأسطوانات كانت تتضمن أعمالاً لسيد درويش والجيل الذي سبقه (مثل يوسف المنيلاوي وعبد الحي حلمي وسلامة حجازي وسواهم) والجيل ال...
قراءة الكل
"جاء الإحتكاك الأول بيني وبين إسم عبد الوهاب وفنه من أكداس الأسطوانات العربية القديمة والحديثة التي كان يحرص والدي على إقتنائها منذ ذلك الوقت المبكر، والتي تدار على ألة فونوغراف جميلة الصوت.ومع أن أكداس هذه الأسطوانات كانت تتضمن أعمالاً لسيد درويش والجيل الذي سبقه (مثل يوسف المنيلاوي وعبد الحي حلمي وسلامة حجازي وسواهم) والجيل الذي تلاه (مثل عبد الوهاب وأم كلثوم)، فإن خياراتي المفضلة كما يروي لي والدي عن أحداث تلك السنوات الأولى من عمري الفاصلة بين إجادة الكلام وإجادة القراءة ثم الكتابة، التي كنت ألح عليها بشكل دائم، هي أغنيات محمد عبد الوهاب، أكرر طلب الإستماع إليها وألح في ذلك.أستطيع القول أن أثر ذلك الإحتكاك المبكر بين بداية تكويني الثقافي والنفسي وبين فن عبد الوهاب المتدفق في الثلاثينيات والأربعينيات شلالاً من الألماس والدرر والجواهر النادرة، لم يقتصر أثره فقط على ذائقتي الموسيقية، التي دفعها عشقي لموسيقى عبد الوهاب، إلى إرتياد الآفاق الرحبة للموسيقى الأوروبية الكلاسيكية بالمتعة نفسها، والتذوق نفسه، لكني اكتشفت على كبر، إن ما كان يمثله فن عبد الوهاب في وقت مبكر منذ نهاية الربع الأول من القرن العشرين، كان مدخلي الكبير بعد ذلك إلى روح الحداثة عموماً".هذا الكتاب المائل بين أيدي القارئ هو عبارة عن حلقات صحافية نشرت في مجلة "دبي الثقافية"، تتحدث عن علاقة المؤلف الشخصية بفن عبد الوهاب أولاً، ثم بشخصه من خلال لقاءات متكررة فيما بعد.