يروي قصة الحركة الوطنية الفلسطينية ما بين سنة 1949 وسنة 1993، وذلك من خلال تركيزه على الكفاح المسلح. وأطروحة الكتاب المركزية هي أن الكفاح المسلح أوجد الدفع السياسي والدينامية التنظيمية اللازمين لتطوير الهوية الوطنية الفلسطينية، ولظهور مؤسسات مشابهة لمؤسسات الدولة، ولتشكل نخبة بيروقراطية كنواة حكومية. وقد فعل الكفاح المسلح كل هذا...
قراءة الكل
يروي قصة الحركة الوطنية الفلسطينية ما بين سنة 1949 وسنة 1993، وذلك من خلال تركيزه على الكفاح المسلح. وأطروحة الكتاب المركزية هي أن الكفاح المسلح أوجد الدفع السياسي والدينامية التنظيمية اللازمين لتطوير الهوية الوطنية الفلسطينية، ولظهور مؤسسات مشابهة لمؤسسات الدولة، ولتشكل نخبة بيروقراطية كنواة حكومية. وقد فعل الكفاح المسلح كل هذا من خلال دفع العمل السياسي الجماهيري وتأسيس "الساحة السياسية" على الصعيد الوطني، وبالتالي فسح المجال لطبقة سياسية جديدة أن تتكون وأن تحظى بالاعتراف والشرعية وأن تؤكد زعامتها. ومن المنطلق نفسه، قام الكفاح المسلح بدور محوري في إبراز الفلسطينيين طرفاً متميزاً في السياسة الإقليمية يتمتع بدرجة من الاستقلالية لا يستهان بها.أما الأطروحة الفرعية للكتاب فهي أن السر في تمكّن الحركة الوطنية الفلسطينية من البقاء، وفي تحقيقها بعض أهدافها على الأقل، يرجع إلى قدرتها على إحداث تحولات جوهرية في أهدافها وفي استراتيجيتها في المراحل الحرجة من تطورها. وقد حدثت هذه التحولات كردة فعل تجاه الأوضاع والتحديات الخارجية؛ لكنها تطلبت أيضاً تحولات موازية في العقيدة وفي البنية وفي السياسة الداخلية. وهنا، مرة أخرى، يلقي الكتاب الضوء بأفضل صورة ممكنة على هذا التحول من خلال تتبع مسار الكفاح المسلح، كخطاب وكممارسة في السيرة الفلسطينية. وقد انقسم السرد في هذه الموضوعات ضمن أربع مراحل تميزها، بعضها من بعض، الحروب العربية-الإسرائيلية في السنوات 1948 و1967 و1973 و1982، وتصل إلى نهايتها الطبيعية مع توقيع إعلان المبادئ في أيلول/سبتمبر 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.ويسبق كل جزء من الكتاب فصل تمهيدي يلخص الاتجاهات الدولية والإقليمية التي حددت إطار السياسية الفلسطينية للفترة المعنية، ويعرض بإيجاز أبرز التطورات في الساحة الفلسطينية. يستند السرد في الكتاب إلى حقلي علم الاجتماع السياسي والعلاقات الدولية، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك لا يقع ضمن أي منهما. كما أن هذا التحليل لا يتتبع بصورة منظمة، أو بتفصيل متسق، مواقف وأحوال مختلف القوى الاجتماعية الفلسطينية، أو القوى الإقليمية والعالمية الرئيسية، لا بل يقوم بعملية إعادة بناء تاريخية لتطور البرامج السياسية والخطاب العقائدي والبنى التنظيمية الفلسطينية كما تتكشف من خلال مقولة الكفاح المسلح الجامعة.