الشعر الجاهلي خصائصه وفنونه

الشعر الجاهلي مرآة الحياة العربية، والصورة الصادقة لعادات العرب وتقاليدهم ومثلهم، فيه من القيم الفنية والصور الجميلة الرائعة والمعاني الدقيقة الموحية ما يجعله يعد بحق ذروة الشعر العربي، وقد كان القدوة المثلى التي يحتذيها الشعراء في العصور الاموية والعباسية، يسعون الى تقليده ومحاكاته، وقد بقى أثر الشعر الجاهلي واضحاً في شعر العصور المتأخرة وما زال له سلطانه في نفوس قارئيه وسامعيه، لما فيه من أصالة وجمال في التعبير ودقة في المعاني ونضج فني وموسيقى ولغوي كبير. ولا شك ان دراسة العصر الجاهلي على أهميتها، تحف بها كثير من المشكلات، ولذلك فلابد للباحث ان يكون حذراً من اطلاق الاحكام والفرضيات بالنسبة لطبيعة الحياة وظروف العصر، وليس من شأن هذا لبحث ان يفيض في دراسة العصر، فإن في ذلك سعة لمن يريد ان يفرغ للعصر الجاهلي فيدرس تاريخه ولغته وأحواله العامة، وذلك أمر يخرج بي عن طبيعة المنهج الذي رسمت، وإنما همي هنا أن ادرس العصر بالقدر الذي يعين على فهم الشعر الجاهلي وحياة الشعراء ويبين نزعاتهم ويفسر كثيراً من المثل والتقاليد التي يتردد صداها –وما زال- في الشعر العربي.