تشعل مسألة الألفباء الكوردية في المدة الممتدة ما بين (1898-1932) حيزاً مهماً من تاريخ اللغة والثقافة الكوردية، وينبعث أهمية هذا الموضوع في أنه يلقي الضوء على مسيرة الألفباء الكوردية، البدايات الأولى لنشوئها، أهم مفكريها ومنفذيها، تطورها، ثم تأرجحها بين حروف عدة من اللغات العربية واللاتينية والروسية واليونانية... الخ، وكيف صارت ف...
قراءة الكل
تشعل مسألة الألفباء الكوردية في المدة الممتدة ما بين (1898-1932) حيزاً مهماً من تاريخ اللغة والثقافة الكوردية، وينبعث أهمية هذا الموضوع في أنه يلقي الضوء على مسيرة الألفباء الكوردية، البدايات الأولى لنشوئها، أهم مفكريها ومنفذيها، تطورها، ثم تأرجحها بين حروف عدة من اللغات العربية واللاتينية والروسية واليونانية... الخ، وكيف صارت في النهاية، خاصة إذا ما علمنا بأن المعلومات التي تخص الألفباء الكوردية قليلة جداً وندرة، ولم تأت المصادر التاريخية على ذكرها أو الإشارة إليها إلا نادراً، فضلاً عن قلة الدراسات عنها، وذلك بسبب فقدان أغلب النتاجات الثقافية للشعب الكوردي في تلك المدة وما زالت، وذلك راجع ما شهدته كوردستان من أحداث كثيرة ومتشابكة أدت في النهاية إلى تقسيم كوردستان بين أربع دول شرق أوسطية هي (تركيا والعراق إيران وسوريا) وبالتالي إلى عدم الاهتمام بالكورد وبلغتهم وثقافتهم وتاريخهم، بل حتى آل الأمر عند بعض هذه الدول المحتلة لأرض كوردستان كتركيا مثلاً إلى عدم الاعتراف بهم كقومية بل إلى منعهم بالتحدث باللغة الكوردية وأطلقوا عليهم تسمية (أتراك الجبال).واستناداً على ما سبق، يمكن عد هذه الفترة بمثابة الأساس التي بنيت عليها الثقافة واللغة الكوردية الحديثة، فخلال هذه المدة تنبه الكورد وخاصة الفئة المثقفة منهم، إلى أنهم متخلفون عن الأمم الأخرى وخاصة المجاورة مثل العرب والأتراك والفرس والأرمن، وأرجعوا إحدى أهم أسباب تخلفهم إلى عدم الكتابة والقراءة بلغتهم التي أصبحت ومنذ قرون عدة فقط لغة المخاطبة لا غير، وإن لكل قوم من هؤلاء لغتهم الخاصة والفباءهم التي يصدرون بها نتاجهم الثقافي من كتب وصحف وأدب... الخ.وقد تنبه الكورد في أن لديهم أيضاً لغة مستقلة وتخص بهم كقومية لها مميزاتها وأرضها وعاداتها وتقاليدها المختلفة عن باقي القوميات الأخرى، فلماذا يكتبون بلغات هذه القوميات الأخرى، وهل أن اللغة الكوردية لا تصلح الكتابة بها؟ فإذا لا تصلح فلماذا تصلح اللغة التركية والفارسية مثلاً، إذا ما استثنينا اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم.ومن هنا أدرك المثقف الكوردي بأنه ليس هناك، ومن هذا المنطلق اتجه الكورد في بادئ الأمر إلى الكتابة بلغتهم واستخدموا في ذلك الحروف العربية، مثل باقي الشعوب الإسلامية في المنطقة، ثم تطور بهم الأمر في ا،ه لا بد من وجود ألقباء كوردية مناسبة، لأنه اعترضت الكتابة بالحروف العربية بعض الصعوبات، مثل وجود بعض الأصوات في اللغة الكوردية لا توجد في اللغة العربية وبالعكس، ولذلك تطور الحال إلى وضع الفباء كوردية مناسبة على أساس الحروف العربية، ثم ظهر اتجاه آخر بين الكورد يبدعوا إلى تبني الحروف اللاتينية في الكتاب الكوردية، ونتيجة لعدة أحداث، انقسم الكورد بين الحروف العربية والحروف اللاتينية، فقد استخدم كورد العراق وإيران الفباءاً كوردياً يعتمد على الحروف العربية وبالمقابل استخدام كورد تركيا وسوريا الفباءاً كوردياً يعتمد على الحروف اللاتينية.عن تاريخ هذه اللغة ونشوؤها وتطورها يتحدث الكتاب الذي بين يدينا، وذلك في تمهيد وخمسة محاور فضلاً عن الخاتمة وقائمة بأهم الملاحق، تناول التمهيد أمرين، الأول هو الألفباء الكوردية قبل الإسلام وكيف تم تثبيت وتحقيق هذا الأمر، أما الثاني فتناول أمر اللغة الكوردية قبل الإسلام وكيف تم تثبيت وتحقيق هذا الأمر، أما الثاني فتناول أمر اللغة الكوردية في العصر الحديث وأهم الذين قاموا بتدوينها في تلك الفترة الزمنية. وفيما يخص المحاور فبحث المحور الأول البداية الأولى لنشوء الألفباء الكوردية بالحروف العربية (1898-1910) ومن أهم أوائل الذين فكروا بهذا الشأن، كما يتحدث هذا المحور عن خليل خيالي وكتابه عن الألفاء الكوردية الذي يعد أول كتاب عنها خلال مسيرة اللغة الكوردية وألفباءها.أما المحور الثاني فقد تناول دور جمعية هيفي ما بين سنتي (1912-1914) في البحث عن ألفباء كوردية مناسبة وذلك من خلال ما كانت تنشره على صفحات روزى كورد وهتاوى كورد بخصوص هذا الموضوع، وما هي أهم الأفكار التي راودت الكورد بشأن ألفباءهم في تلك المدة. وتطرق المحور الثالث إلى ألفباء عبد الرزاق بدرخان الذي عمل على تشكيلها على أساس الحروف الروسية في كوردستان إيران سنة 1913 وأهم الأسباب التي دعته إلى هذا التفكير وإلى أين وصلت ألفباءه.أما المحور الرابع فقد تحدث عن الألفباء الكوردية بالحروف العربية وتطورها في كوردستان الجنوبية -العراق- في عشرينيات القرن العشرين ومن هم الذين عملوا في تلك المدة عليها، وما هي أهم المطبوعات التي تناولت هذا الموضوع. وتحدث المحور الخامس والأخير عن الألفباء الكوردية بالحروف اللاتينية وأول من فكروا بهذا الألفباء وأهم المحاولات في هذا الجانب، ثم تطرق المحور بالتفصيل إلى ألفباء جلادت بدرخان والتي تعد الألفباء الكوردية الأولى بالحروف اللاتينية التي حققت نجاحاً منقطع النظير وما زال كورد تركياً وسوريا يستخدمونها في الكتابة الكوردية.وتلا هذه المحاور بعد ذلك أهم الاستنتاجات التي توصل إليها في ضوء تم تناوله من أحداث، ثم تأتي قائمة الملاحق التي احتوت على (13) ملحقاً وهي صور لبعض الألفباء التي شكلها الكورد ومنها ألفباء خليل خيالي، فضلاً عن بعض نصوص الكتابة الكوردية قبل التفكر في أمر الألفباء الكوردية. وأخيراً تأتي قائمة المصادر والمراجع والتي اعتمد عليها الموضوع بما احتوته من معلومات.