يضم القرآن الكريم، كتاب المسلمين المقدس، في سوره المئة والأربع عشرة، كل تنزل من الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبه ختم الله تعالى رسالته التي تبين للإنسان ما يريده له، وتبين الغاية من وجوده. ولقد أنزلت آيات القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، ومفرقة على مدى سنوات عدة. وكان أول ما أنزا منها سورة العلق "اقرأ" في عام 610م...
قراءة الكل
يضم القرآن الكريم، كتاب المسلمين المقدس، في سوره المئة والأربع عشرة، كل تنزل من الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبه ختم الله تعالى رسالته التي تبين للإنسان ما يريده له، وتبين الغاية من وجوده. ولقد أنزلت آيات القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، ومفرقة على مدى سنوات عدة. وكان أول ما أنزا منها سورة العلق "اقرأ" في عام 610م، وآخرها قبيل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في عام 632م، وليس من المؤكد أن كل النص القرآني كان قد سجل كتابة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. فيقال إنه كان أمياً، وأنه إنما كان "يتلو" ما يوحى إليه. ويروي أنه بعد وفاته ببضع سنوات جمع ما كان متناثراً من "قطع الرق والجلود, وألواح الحجر، والجريد والنخل، وعظام الكتف وأضلاع الجمال، ومن ألواح الخشب، وأيضاً من صدور الرجال"، وتشير هذه العبارة الأخيرة إلى ما كان قد حفظه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم المقربين من القرآن.وفي عهد عثمان، الخليفة ا لثالث، تم استنساخ القرآن في مصحف واحد، وانتدب لهذه المهمة جماعة من كتاب الوحي بإشراف زيد بن ثابت، مولى الرسول صلى الله عليه وسلم.ولاعتقاد المسلمين بأن القرآن هو كلام الله تعالى، فلقد كان موقفهم الثابت منذ الأجيال الأولى على أنه غير قابل للترجمة. فهو معجزة لا تحاكى في البيان، وترجمته إلى لغات أخرى تجديف على الله تعالى. وهكذا كان على كل مسلم أن يتعلم كيف يفهم معناه من أصله العربي, ولتيسير هذه المهمة له، والتي لم تكن سهلة أحياناً. ولذلك وضع له عدد كبير من التفاسير، وبعضها طويل جداً، ألفها المشهود لهم من العلماء في كل جيل وحتى يومنا هذا. ومع ذلك فلقد ترجم القرآن مرات عدة إلى لغات كثيرة، كان أولها باللغة اللاتينية في 1146م. وظهرت أول ترجمة بالإنكليزية في 1657م. وكان أشهر الترجمات الإنكليزية ترجمة "سيل" (1734م)، وترجمة "رودويل" (1861م)، و"بالمر" (1880م)، و"بيكثول" (1930م) وباستثناء "رودويل" اتبع جميع هؤلاء الترتيب التقليدي في ترتيب السور. أما "رودويل" فحاول ترتيب الآيات بحسب نزولها الزمني، ثم تبعه في ذلك "ريتشارد بيل" ترتيب زمني أكثر دقة في 9-1937م.وأما في محاولتي هذه، ومن أجل تحسين ما حققه من سبقوني، وبغرض إنتاج ترجمة يمكن تقبل على أنها صدى، حتى ولو خافتا، لروعة الإعجاز البياني في القرآن العربي، فلقد اجتهدت بكل ما في استطاعتي أن أدرس الإيقاع الدقيق، والغني جداً في تنوعه، في لغة القرآن والذي- بالإضافة إلى مضمون الرسالة نفسها- يجعل من القرآن واحداً من أعظم أمهات الآداب التي عرفتها البشرية. (ولقد نشرت نتائج دراساتي هذه في كتابي "القرآن المقدس" طباعة "آلن وأونوين" في عام 1953م). وهذه الصفة الخاصة والفريدة.وفي عملي هذا راجعت آراء العلماء الذين شرحوا معاني القرآن، وعندما اختلفت هؤلاء مع بعضهم (ولم يكن ذلك قليلاً)، كان علي أن اختار من بين التأويلات المختلفة. ولقد اخترت أن أكتب بلغة إنكليزية واضحة متجنباً أسلوب كتاب (اليهود والنصارى) المقدس الذي كان هو الأسلوب المفضل لبعض من سبقوني، ولكني حافظت على صفة قديمة واحدة في استخدام تلك اللغة عن عند، إذ كان من الضروري، في سبيل تجنب الالتباس، أن أميز بين المتكلم المثنى المفرد والمتكلم المثنى الجمع. وكما أن التوثيق وتفسير الكلمات لا تزاحم فيض الكلام في القرآن العربي، فكذلك تجنب التوثيق وشرح الكلمات في هذا "التفسير" الإنكليزي عن عمد. والقارئ الذي يحتاج إلى توجيه أكثر عليه أن يعود إلى الترجمات السابقة التي يجد فيها التوثيق والشرح المطلوب.