تقدم الروائية "نهى مسلم" في مجموعتها القصصية التي عنونتها بـ"كان يا حبيبي" قصص من واقع الحياة، شخصياتها متنوعة في أحلامها وكبرياتها، حيث تنقل الكاتبة صوراً متعددة تحكي جوانب من حياة مجموعة من الناس، فلكل رجل حكاية ولكل امرأة حلماً فهم لا يزالون يحلمون مع علمهم أن الموت قادم لا محالة، هكذا يصف خالد بطل قصة "لم يكن له موضع في المن...
قراءة الكل
تقدم الروائية "نهى مسلم" في مجموعتها القصصية التي عنونتها بـ"كان يا حبيبي" قصص من واقع الحياة، شخصياتها متنوعة في أحلامها وكبرياتها، حيث تنقل الكاتبة صوراً متعددة تحكي جوانب من حياة مجموعة من الناس، فلكل رجل حكاية ولكل امرأة حلماً فهم لا يزالون يحلمون مع علمهم أن الموت قادم لا محالة، هكذا يصف خالد بطل قصة "لم يكن له موضع في المنزل..." حال جدته يستجمع ذكرياته عنها منذ طفولتها إلى شبابها مروراً بشيخوختها وموتها "ماذا أصاب ستي؟" صرت أصرخ بلا وعي، هل، هل ماتت؟، "فجأة جفت دموعي: لقد ماتت جدتي وانتهى كل شيء وها هو يموت معها جزء عظيم من قلبي، من كياني..".وفي قصة "كان حبيبي" نقرأ فرحة "الميلاد" على الرغم من مرور الزمن ومواجهة الشيخوخة والعجز والخرف ثم المرض والانحلال والموت "ما يجب أن نتذكره الآن أننا نحن أيضاً كنا أطفالاً وأولاده مثلكم... ننتظر الأعياد وبلهفة وعلى أحر من الجمر، بابا نويل... فتنطق الجوارب وما تحت الشجرة بالألعاب والهدايا والحلويات". وهنا يجسد باب نويل حب الحياة والأمل على الرغم من قسوة الحياة وآلامها.أما القسم الثاني من الكتاب نقرأ فيه مجموعة قصصية تعكس الروائية فيها خيبات الأمل التي أصابت الناس جراء الحرب الأهلية في لبنان منها قصة "المنفية الصغيرة" حيث تصف بطلة الرواية "غادة" ذات الخمسة عشر ربيعاً، بجمالها البريء، وإحساسها المرهف، ما وصلت إليه حال أسرتها جراء "حرب الجبل" وفرار العائلة "ترك البيت والعيادة وبلدتهم الغالية، والهروب من جحيم حرب الجبل إلى جحيم الحرب في نصف الدار..."، هتفت أختها برقة "آه، لو تفهمين.. هما يتعاركان من التعاسة واليأس، وليس من الكراهية أو عدم الاهتمام.. لقد تركا كل شيء في الجبل: البيت، الأرض، والمال، والآمال، والأحلام.. لا أمل لهما الآن غير نحن، ربما...".إن ما يميز كتابات "نهى مسلم" التي تجسد الأدب النسائي الحديث هو واقعيتها وعفويتها وبراءتها فأسلوبها طبيعي يتوسل البساطة ولغة الحياة اليومية، أبطالها من صميم هذه الأرض في الجبل والمدينة والأرض السليبة فلسطين، فعلى الرغم من أنهم يعيشون ظروفاً مختلفة وأماكن مختلفة، إلا أن جميعهم يجمعهم حب الحياة والأمل.