يعد الغذاء من أهم المصادر الأساسية في حياة الإنسان فهو يعتبر الطاقة المحركة للبشرية وأول أمر يفكر فيه الإنسان هو قوته اليومي، فإذا توفر فإن ذلك يعني الاستقرار وبالتالي التطوير والتنمية فالإبداع، وبغير ذلك يصبح الأمر مقلقاً للبشرية ويؤدي إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية، ولذلك فإن الأمن الغذائي هو الكفيل الوحيد لضمان الاستقرا...
قراءة الكل
يعد الغذاء من أهم المصادر الأساسية في حياة الإنسان فهو يعتبر الطاقة المحركة للبشرية وأول أمر يفكر فيه الإنسان هو قوته اليومي، فإذا توفر فإن ذلك يعني الاستقرار وبالتالي التطوير والتنمية فالإبداع، وبغير ذلك يصبح الأمر مقلقاً للبشرية ويؤدي إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية، ولذلك فإن الأمن الغذائي هو الكفيل الوحيد لضمان الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، هذا الأخير الذي لقي قبولاً كبيراً من قبل المجتمع الدولي. لم يكن هناك أي تجاوب معه قبل إنشاء المنظمة الدولية للتغذية والزراعة وتوضيح مهامها، كان لابد من وجود أحداث خطيرة عام 1970حتى تقبل الدول الاهتمام بهذا المشكل لإيجاد حل له، هذا الاعتقاد سمح بتشكيل مفهوم الأمن الغذائي العالمي عام 1973 الذي أخذ في التوسع منذ ذلك الحين. إن هذه الأحداث الخطيرة تمثلت في أزمة الغذاء العالمية وإن كانت قد ظهرت خلال فترات مختلفة على مدار الزمن، وأدت إلى موت الكثير من البشر، إلا أنها لم تأخذ الأبعاد التي أخذتها في النصف الأول من عقد السبعينيات، فقد استخدم الغذاء كسلاح خطير آنذاك في وجه الدول العربية من طرف الدول الغربية نتيجة ارتفاع أسعار البترول. إن من ضمن العوامل التي أدت إلى بروز مشكلة نقص الغذاء، هو انخفاض الإنتاج الغذائي العالمي بمعدل 04% عام 1972 ــ 1973 بسبب السياسات المعتمدة من الدول الكبرى المنتجة للمواد الغذائية كالولايات المتحدة الأمريكية، والتدهور الشديد في الإنتاج الزراعي لدى أغلب الدول النامية، وذلك بسبب تحكم عوامل كثيرة، منها الآثار السلبية لتغيرات المناخ على المحاصيل الزراعية، خاصة ظاهرة الجفاف التي أصابت الساحل الإفريقي، فزادت من حدة الأزمة، ومن جهة أخرى، الاختلال الكبير في التوازن بين نمو الإنتاج الغذائي المحلي، ومعدلات النمو السكاني في الدول المعنية، وكان من نتيجة ذلك ارتفاع الطلب بالأسواق العالمية على أنواع الحبوب التي عرفت بدورها ارتفاعاً في أسعارها كما ارتفعت أسعار الأسمدة كذلك. وقد أدى هذا الموقف إلى بروز معادلة معقدة على مستوى العلاقة بين الدول المتقدمة ذات الفائض في إنتاجها الغذائي، والدول النامية التي تعاني من النقص الشديد في هذا الإنتاج، وإلى شروط مجحفة تكتنف تجارة الغذاء الدولية، إذ أدى ظهور هذه الأخيرة، وتطور وسائل النقل إلى اتساع الهوة بين الثراء والفقر، وأضحت مسألة من الذي سيأكل مسألة سياسية فضلاً عن أنها مسألة تخص العلوم الزراعية وتكنولوجيا الأغذية، إذ أصبحت الدول المصنعة ذات الفائض الغذائي تستعمل الغذاء كسلاح خطير في مواجهة الدول ذات التبعية الغذائية وخاصة منها الدول العربية والإسلامية لإملاء المواقف والسياسات والضغط عليها. ففي عام 1974 هدد الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر J.CARTER باستخدام سلاح الغذاء لمواجهة الدول العربية حين تعرضت المصالح الأمريكية للخطر، وذلك بقطع المعونات ووقف تصدير المواد الغذائية إليها، إذا ما لجأت الدول العربية النفطية إلى فرض حظر البترول عليها، وكذلك فعلت مع الاتحاد السوفيتي (سابقاً) عقب دخول القوات السوفيتية إلى أفغانستان وكذا الحظر الاقتصادي على ليبيا والعراق، بعد حرب الخليج وغير هذا كثير. ونتيجة هذه السياسة، فإن ما يقارب نصف سكان العالم فقط في وقتنا الحاضر هم الذين يمكنهم الاطمئنان إلى أنهم سيجدون دائماً الغذاء الكافي لهم، والبعض يقف على حافة نقص الأغذية أو يواجه مشكلات خطيرة فيها وقت ما تفشل المحاصيل، في حين أن ثمان مائة مليون آخرين يعانون باستمرار من سوء التغذية أو الجوع. وأمام هذا الوضع وللتقليل من حدة المعضلة، لجأت المنظمات والهيئات الدولية إلى عقد المؤتمرات وإعداد الدراسات المتعلقة بالمشكلة الغذائية، لرفع مستويات التغذية ومستويات المعيشة للشعوب التي تعاني من نقص في هذا المجال ولتحسين الكفاءة في إنتاج جميع المنتجات الغذائية والزراعية وتوزيعها والنهوض بحالة الريف، ومن ثمة المساهمة في تحرير البشرية من الجوع. ومن أهم هذه المؤتمرات: مؤتمر الأغذية العالمي لعام 1974 وإن كان ظهر نتيجة الأزمة، والذي تمخض عنه إقامة مجلس عالمي للغذاء يهتم بتنسيق أعمال جميع المنظمات الدولية ذات الصلة بالسياسة الغذائية، وإعداد الاتفاقية الدولية للأمن الغذائي لضمان حاجيات الدول من المواد الغذائية الأساسية كالحبوب، وتشكيل لجنة الأمن الغذائي في إطار منظمة الأغذية والزراعة لضمان تخـزين ما لا يقل عن 17 ــ 18% من الاستهلاك العالمي السنوي، وكذا إنشاء الصندوق الدولي للتنمية الزراعية لمساعدة الدول النامية على رفع إنتاجها الزراعي.